
قبل أن تغادر التفتت له وقالت له بنبرة تحذير:
نصيحة مني: بلاش تبلغها إنك عرفت حقيقتها، لأنها لو معملتش كده مع راجل من زبايني، هتعملها مع أي راجل. ومن غير ما تعرف وساعتها إنت هتفضل مخدوع فيها، وهتتجوزها على عماك.
هز فهد رأسه بعدم تصدق لكنه سايرها وقال:
تمام هنشوف اتصلي بيا لو جاتلك، وده مش هيحصل لاني واثق فيها وهظهر ليكي كذبك
ضحكت بسخرية وردت بتهكم:
تمام هتصل بيك بس لو فكرت تبلغ عنا هتضيع السنيورة وتجيب ليها الفضيحة قبلنا سلام يا دوك
اخذت نفس عميق واكملت بانتصار حاقد :
لما جت البنت اتصلت بيه وشافها بعينه بتـ,ـرقـ,ـص بخلاعه، لاني اديتها منشط لخبط كيانها وبقت ترمي نفسها في حضـ,ـن أي راجل علشان يرضيها،
لما شافها كده اتاكد انها ساقطه وطلب يكون الاول ودفع حق ليلته معاها، وبكده انتصرت لما كسـ,ـرت قلبه وهزيت ثقته في بنات حوا للابد
نظر إليها الرجل بغضب، وعيناه تتقدان بنار الغضـ,ـب:
لا لاء انتِ جنونك خلاكي مش بني ادمه مش بس بتحرقي اللي حواليكي، ده انتِ بتحرقي روحك! كمان ليه يا نجوان؟ ليه الكره ده كله؟ البنت وخطيبها إيه دخلهم في جنون انتقامك؟”
ردّت عليه ببرود، وكأنها تستمتع بمشاعر الألم التي تزرعها في الآخرين:
لانهم كانوا صورة للحب اللي اتحرمت منه، للسعادة اللي ما شفتهاش. خطيبها كان شايفها ملاك، وأنا خليته يشوفها شيطانة. البنت كانت شريفة؟ وبريئة فعلا، مشكلتها إن ابوها جه في طريقي. وهي كانت الضحية، هو ده جزاء اللي يدخل دنيتي !”
تقدم الرجل نحوها بغضب أشد، وصاح فيها:
مش ممكن انتِ تخطيتِي كل الحدود، انتقامك ده مش بس هيدمر غيرك… ده هيدمرك انتِ كمان. ولو فضلتِ كده، نهايتك هتبقى أسوأ بكتير من أي حد أذيتِه.”
لم تهتز نجوان أو شعرت بالندم، بل زادت ملامحها غطرسة وهي ترد عليه بنبرة متحدية:
النهاية ما تفرقش معايا، المهم إن كل واحد دخل حياتي دفع الثمن… ولسه اي حد هيفكر يدخلها راجل أو ست هدمرهم زي ما ادمرت!”
،في الخارج، ضغط رجب على فكه بغيظ وغضب، وقال بين أسنانه:
“وأنا يا نجوان هدمرك بانتصارك. مدام مش خايفة من الموت، هموّتك بسلاح انتقامك. هرجع الحق لأصحابه، وأظهر براءة اللي ظلمتيهم. هخلي كل اللي حواليكي يشوفوا شيطانك وقبح أفعالك يا مجرمة. وقتها هتموتي بغيظك، وده أقوى انتقام ليكي.”
كاد أن يتحرك، لكنه لاحظ فتح باب غرفتها وخروج الرجل الذي كان برفقتها، بينما كانت تجري وراءه، قائلة بتوسل:
“يا باشا، اسمع طيب. لو على اللي حصل، أُقسم إنه مش هيتكرر. أنا شفيت غليلي فيهم وخلاص.”
التفت إليها الرجل ونظر إليها بعينين متقدتين كالجمر، وقال بحدة:
“وكل اللي عملتيه في مرات طليقك؟ لما خلّيتي جوزها يشوفها بعيونه مع أكتر من راجل، وهو فاقد القدرة على الحركة بسبب الأقراص اللي خدّرت أعصابه؟ مات بحسرته على مراته، واللي بعدها بقت عبدة ليكي ولزبائنك من يوم موته. كل ده مشفاش غليلك؟ انتِ إيه؟ شيطان؟
رفع إصبعه في وجهه محذرًا:
اسمعيني كويس! الشبكة دي شغلي، لكن بالمزاج مش بالمشاكل. دي آخر مرة هحذرك فيها. لو ما التزمتيش بشغلنا ومصايبك اتكررت تاني ، يبقي متلوميش غير نفسك علي اللي هعمله فيكي
وضع يده تحت ذقنها مشيرّا الي وجهها بتهديد جاد:
وقتها جمالك اللي استخدمتيه لإدارة الشبكة هخلّيه نقمة عليكي. وهسلمك ليهم يكلوكي حية. فاهمة؟”
هزّت رأسها موافقة، فقد أثارت غضبه بحدة انتقامها، وشعرت أنها تخطت حدودها، رغم أن أفعالها أرضت روحها المريضة. فا وعدته بعدم تكرار ما فعلت، لكنها في داخلها أضمرت الشر له، وأقسمت أن تذيقه هو الآخر من نفس الكأس. فقد حصلت أخيرًا على انتقام يرضيها ولن تتنازل عنه بسهولة.
غادر الرجل الشقة، وتوارى رجب عن الأنظار حتى لا تراه قبل أن يغادر هو الآخر. بينما كان يهم بالمغادرة، سمعها تنادي بضيق على إحدى الفتيات:
بت يا نرجس! انتِ يا زفتة، فين جابر؟”
هرعت إليها الفتاة قائلة:
جابر تلاقيه تحت عند البواب، بيشرب معاه كالعادة. تحبي أبعت له ولا الصباح رباح؟”
دلكت نجوان رقبتها وجالت بيدها على جسدها المتعب، وقالت بميوعة:
لا، خليه. مدام شرب يبقى زمانه مدهول علي عينه. أنا مش عارفة الباشا قدر يقاومني إزاي، ولا موضوع رجب أثّر عليا ومقدرتش أغويه.
يلا، بلا هم! رجالة عايزة الشنق. الأحسن أدخل آخد دُش سخن، أغسل جسمي وأنضّف نفسي من قرفهم. بلا، غوروا جهزيلي الحمام!”
عادت إلى غرفتها، وانطلقت الفتاة لتحضير الحمام. غادر رجب الشقة بهدوء، وقد حدد طريقه وبداية انتقامه.
***********
وصل رجب إلى جراج العمارة، وعيناه تبحثان عن جابر، ذلك الذي دفعه إلى تنفيذ أمر نجوان بإحضار أخته لذلك الوغد الذي اغتصبها بوحشية ثم هرب.
رآه رجب جالسًا يتسامر مع البواب، والضحكة تعلو وجهه. لكن فجأة، تجمدت ملامحه حين لمح رجب واقفًا أمامه. ارتبك وسأله بخوف وقلق:
رجب، رجعت إمتى؟ وأختك أخبارها إيه؟…
لكن رجب لم يدعه يكمل جملته، ولكمه بقوة في فكه، صارخًا فيه:
اخرس يا كلب! مش كفاية قوّيت شيطاني عليّا؟ ياريتني كنت موت ألف مرة ولا إنّي سمعت كلامك أنت والأفعى اللي فوق!
نهض البواب ليساعد جابر، ثم التفت إلى رجب وقال بحكمة ونبرة حازمة:
قبل ما تلوم جابر، لوم نفسك. إنت زيه، وماشي في طريقه، وبتعمل اللي يرضي الست. اسمع يا رجب، لو جابر وزّك، إنت اللي نفذت وقبلت. الكيف اللي ادمنته وبيخرب دماغك هو اللي خلاك تعمل كده.
مش بعذر جابر في اللي طلبه منك، إنه يخليك تجيب أختك، لكن لما سألته: تقبلها علي نفسك
رفض وحس بخسته انه ساعدها علي حساب شرف
ربت علي كتفه وأكمل:
لو عايز تلوم حد لوم الظروف اللي حطتكم في طريق واحدة زي نجوان، بتاجر بالأعراض والشرف، لكن اوعي تنسى إن القرار في الاول والاخر كان قرارك.”
ثم أمسك بيد جابر ووضعها في يد رجب، وقال بجدية:
حط إيدك في إيده، وانتقموا لشرف أختك. كل شيء يهون إلا الشرف. الناس اللي بتجي لها، بيجوا بمزاجهم وكيفهم، لكن إنها تجبر راجل يسلم شرفه أو تتسبب في موت زوجة حسرة على نفسها؟ كده يبقى تعدت كل الحدود.
أطرق رجب رأسه إلى الأرض وقال بحسرة وانكسار:
أنا ضيعت أختي وسرقت حلمها في الأمومة. سلمتها لوحش دمرها وضيعها. أنا السبب… أنا السبب. لكن قبل ما أتعاقب على ذنبي في حقها، لازم أنتقم من نجوان… والراجل اللي دمرها. قولي يا جابر، مين هو؟
ربّت جابر على كتفه وقال:
هقولك يا رجب. أنا من وقت الست اللي ماتت ومفيش حاجة ماشية مظبوط، كأنها لعنة اتلعنا بيها. أنا جاي معاك يا صاحبي، ومستعد أعمل أي حاجة بس ضميري يهدى.
خرج الاثنان معًا، وقد استيقظ ضمير جابر بعد أن رأى إلى أين تأخذهم أفعال نجوان. خاف أن يأتي يومٌ يكون فيه مكان رجب، ووقتها سيكون الأفضل له أن يقتل نفسه على أن يبيع شرفه إرضاءً لها.
وصل الاثنان إلى إحدى المناطق الأكثر ثراءً في البلاد. أشار جابر إلى إحدى الفيلات قائلًا:
دي فيلته. روح له، زمانه ميت في جلده من الخوف، بعد ما ساب أختك غرقانة في دمها.
هزت الكلمة قلب رجب بغضب جامح، فقد اقترب موعد انتقامه. سيأخذ روحه مقابل روح جنين أخته الذي فقدته، وفقدت معه قدرتها على الإنجاب.
دنا من الباب وطلب من البواب مقابلة سيده، قائلًا:
“قول للباشا إني من طرف مدام نجوان، وجاي أطمنه.”
طالع البواب رجب بحيرة وريبة، لكنه قال:
طيب، استنى هنا. هبلغ الخدم وأشوف رد البيه.
انصرف البواب لإبلاغ سيده، بينما انتظر رجب أمام الباب على أحرّ من الجمر. لم يغب البواب طويلًا، وعاد سريعًا وفتح الباب قائلًا:
اتفضل، البيه في انتظارك.
ولج رجب من الباب وجسده متحفز، يحمل في داخله حمم غضب متأججة للقاء من دنّس شرف أخته وسلبها كرامتها بتخطيط مشترك مع نجوان. كان جابر قد أخبره بكل ما حدث، وكيف أن نجوان استغلته وجعلته يدمن لتسيطر عليه وتجبره على تسليم أخته الي من طلبها
دلف إلى باب الفيلا الداخلي بعدما فتح له أحد الخدم الذي قال برسمية:
اتفضل، البيه منتظرك في غرفة المكتب.
كان رجب يتنفس بعمق، محاولًا تهدئة غليانه الداخلي، بينما يضع يده على المسدس، مستعدًا لاستخدامه. لكنه صُدم حين رأى رجلاً جالسًا خلف المكتب، يعلو رأسه شبح الخوف، وعيناه زائغتان بشكل يُظهر انهياره الداخلي. ما إن رآه حتى فقد الرجل السيطرة على نفسه، واندفع نحوه قائلاً بذهول:
انت أخو عبير؟… أكيد رجب، وجاي تقتلني، صح؟ بس قبل ما تعمل اللي في بالك، طمني… عبير… عبير عايشة؟ قولي إنها بخير وبعد كده اعمل اللي انت عايزه.”
ضحك رجب بسخرية مرة، وعيناه تتقدان بالغضب، ثم قال بحدة:
صحيح اللي اختشوا ماتوا! انت إيه؟ تقتل القتيل وتمشي في جنازته؟!
صحيح ربنا أنقذها، لكن خسرت حلمها بسببك! خـ,ـسرت طفلها… الحلم اللي طلقها جوزها بسببه، وكمان خسـ,ـرت أمومتها للأبد بسببك. أيوه، أختي عايشة، لكنك موتتها بالحياة. وصدقني، أنا هنتقم منك ومن نفسي، لأني أنا اللي وصلتك ليها.
هز الرجل رأسه بعنف رافضًا كلمات رجب، وقال باضطـ,ـراب:
مش انت السبب… أنا اللي غلطت… عشقي لأختك خلاني أعمل المستحيل علشان أوصل ليها. عمري ما كنت زبون عند نجوان، أنا راجل أعمال غني وعندي نفوذ. لكن عبير صعبتها عليّا برفضها المستمر لي رغم عرض ثروتي عليها، حتى بعد طلاقها رفضتني حبًا لجوزها وعلي امل ترجع ليه
وقتها لجأت لنجوان، كانت فكرتي إنها تكسرها علشان توافق تتجوزني. متخيلتش أبدًا إنها هتخليك السكين اللي تدبحها بيها.”
توقف الرجل للحظة، وقد اغرورقت عيناه بالدموع، ثم تابع بصوت متهدج:
“صدقني، انا عمري ما كنت افكر أذيها. أنا بحبها بجد، أكتر من روحي. هي الأمل الوحيد اللي كان مخليني عايش. أنا مستعد أتجوزها لو هي وافقت… بس لازم تعرف…”
*******