
وقفت قدر أمام الحائط المُعلق عليه صور احبابها والدها واخيها الشهيد الذي توفي منذ اربع سنوات في خدمته العسكريه شمال سيناء والآن والدتها الحبيبه.. سقطت دموعها وقلبها يحرقها على احبابها.. اسبوع مر علي وفاتها ومازالت لا تُصدق انها لن تسمع صوتها فيكفي انها لم تكن تراها الا كل سته أشهر والزياره لا تتعدى الخمسه ايام.. كانت تتمنى ان تتزوج بجانب والدتها ولكن نصيبها اتي في بلده أخرى
اقترب منها عمر يهتف بصوت حنون
– جوزك مستني بره… روحي بيتك ياحببتي
– مش قادره أصدق انها خلاص راحت
انهارت في بكاء مرير ليضمها عمر اليه بثبات مصطنع
– ادعيلها ياقدر… انتي عارفه من يوم مامات أمجد وهي ديما بتدعي تروحله
لم يشعر عمر انه أصبح يُشارك شقيقته بالبكاء الا عندما ابتعدت عن حضنه تضم وجهه بين كفيها تمسح دموعه
– سافر ياعمر.. سافر وشوف مستقبلك… بلاش تفكر كتير
– وانتي ياقدر.. انا لما اسافر هسيبك لمين
ابتسمت تنظر في عينيه
– ربنا معايا وكمان كريم ولا انت ناسي
رغم ثقتها الواهيه في زوجها وأنها واثقه إذ لم تحمل في احـ,,ــشائها طفلا هذا العام سينتهي صبر حماتها
– لسا فاضل شهر ياقدر متخليناش نسبق الايام واللي عايزه ربنا هيكون
واردف وهو يحثها على الذهاب مع زوجها
– جهزي نفسك ويلا روحي مع جوزك الراجل عمل معانا الواجب وسايب مشاغله وقاعد معانا من اسبوع
*********************************************
اسبوعان مروا على عودتها لمنزلها ومازالت في احزانها.. عادت حماتها من عند ابنتها قبل عودتها ولكنها لم تعد كما كانت تُسمعها حديثها اللاذع
– انا خلصت الغدا ياماما
امتدت يد سميحه جانبها نحو الاريكه
– تعالي ياقدر اقعدي جانبي
اقتربت منها قدر بهدوء تتمنى داخلها ان تظل معامله والده زوجها دوماً هكذا
– خير ياماما في حاجه
ابتسمت سميحه وهي تتذكر حلمها الجميل والذي كان من احد اسباب انها صرفت فكرة تزويج كريم عن ذهنها
– حلمت بكريم شايل عيل وجيه ادهوني وخدته على حجري وبوسته
واردفت متحمسه
– قلبي حاسس ان السنه ديه مش هتعدي غير وانا شايله ابن كريم
رغم الآلم الذي نغز قلبها وهي ترى حماس حماتها الا انها تمنت ان يتحقق الحلم
– ان شاء الله ياماما
– شربتي الأعشاب اللي ادتهالك
اماءت برأسها
– وكريم بيقرب منك بعدها ولا لاء
اشتعلت وجنتاها خجلا لتربت سميحه فوق يدها
– ان شاء الله الحج منذر يصدق في كلامه والاعشاب تعمل مفعول
وحياتها هذه الأيام كانت تدور بتلك الوتيره… لم تمهلها حماتها وقتً للحداد على والدتها وانما صارت تطبق الأوامر حتى يأتي الحفيد المنتظر فكل شئ ينصحها به النسوه تُجربه ولا بأس من التجربه عليها
*************************************************
سقطت دموع لبنى وهي تنظر لملامح أدهم الخاويه بعد تلك الجلسه التي أتت اخيراً فرغم انتهاء لبنى من امتحاناتها منذ فتره وعودتها للبلد لا ان حديثهم كان يتأجل وكأن أدهم كان يخشى سماع الحقيقه
– حبي ليك وانا طفله كان حب اخت لاخوها…انا اسفه ياادهم
لطم كفه فوق الجدار… كان كالغبي ظن لسنوات ان لبنى الصغيره تحبه كحب الحبيب ولم يعرف انها كانت تراه بصورة اخري
اقتربت منه تمسك كفه كي تقبله
– ابوس ايدك ياادهم متحكيش حاجه لعاصم… ده ممكن يموتني فيها.
ازاح يده عنها بعنف
– ده الدكتور اللي كان في البلد هنا وحكتيلي عنه
تذكر انها يوماً عندما كان يُراسلها عبر الإنترنت قصت له عن ذلك الطبيب وكم تمنت ان تصبح مثله
اماءت برأسها ليزفر أنفاسه بقوه صائحاً بغضب
– ليه مقولتليش انك بتحبي غيرك
– محدش شايف لبنى غير ل أدهم… انا بحبك ياادهم بس زي عاصم مش بأيدي صدقني
طالعها ساخراً يستنكر حديثها
– كنتي هتستمري في خطوبتنا لحد امتى وانتي بتحبي راجل غيري
اطرقت رأسها بخزي فكلما اردات مواجهه أدهم تراجعت وهي تتذكر وعيد عاصم لها ان يدمر ذلك الطبيب
رمق صمتها مُستهزءً يشملها بنظراته وانسحب منصرفً ليُقابله عاصم في طريقه رابتً فوق كتفه
– ايه ياعريس… اتفقتوا على ميعاد كتب الكتاب
واردف ضاحكاً ولم يلمح نظرات أدهم الجامده
– عايز احضر كتب الكتاب قبل ما اسافر
دلف عاصم لغرفة شقيقته بعدما انتهت زياره أدهم يرمقها بنظرة متوعده ينظر لدموعها دون رحمه
– قولتي لادهم ايه خلتيه عايز يطول خطوبتكم
– مقولتش ليه حاجه
نطقتها برعب
– فكري للحظه تكلمي حبيب القلب وانا بأشاره مني اضيع مستقبله وحياته… سامعه
ارتجفت اوصالها وهي تنظر إليه متمتمه بقهر
– حاضر هعمل كل اللي انت عايزه ياعاصم
طالعت طيفه وهو يُغادر تبكي بحرقه
************************************************
داعبت شمس عنقه وهي تميل نحوه بثوب الرقص التي يظهر جسدها بسخاء
– استرخي كده ياحبيبي… واتفرج
التهمها بعينيه وهي تُحرك خصرها يميناً ويساراً على اصوات الموسيقى… كانت نظراته مثبته نحوها لا يشعر الا بفقد صوابه امام فتنة شمس القويه
– كفايه كده ياشمس
ضحكت بمتعه وهي تُكمل رقصتها وعندما اقتربت منه تميل بجزعها العلوي نحوه فقد المتبقي من عقله ولم يشعر بنفسه كالعاده الا وهم فوق الفراش يلهثون
– كريم احنا هنفضل كده
هتفت عباراتها وهي تضم الغطاء لجسدها
– كريم انت مبحبنيش
وعندما طال صمته لفت الغطاء بأحكام حول جسدها …تنهض من جانبه ليجذبها اليه
– شمس انا مبقتش قادر استغني عنك… بس قدر مامتها لسا مايته اقولها ايه… اقولها هتجوز عليكي خلينا نصبر شويه
دفعت ذراعها عنها
– كل حاجه قدر قدر… خلاص ياكريم لحد هنا وكفايه انا اديتك كل حاجه وانت مبتفكرش غير في نفسك… طول عمرك اناني
*************************************************
– يعنى بتحب الدكتور ومش من دلوقتي من زمان كمان
تنهد شهاب ينظر لابن شقيقها وهو يتحرك أمام عينيه كالجريح
– انا كنت فاكر انه مجرد افتنان بشخصيته.. قولنا تاخدوا فرصه مع بعض
– شهاب بلاش تضحك عليا وعلى نفسك… انت عملت كده عشان مكنتش عايز لبنى تكرر نفس تجربتك وتخرج عن إطار زيجات العيله الكريمه
ولطم صدره بقهر
– ظلمنا خديجه اختي مع عاصم
وتنهد حزيناً على شباب شقيقته
– أيامها القليله في الدنيا ضاعت مع زوج مش شيفاه غي ابن عم وبس… وانا ولبنى هنعيد نفس التجربه من تاني
بهتت ملامح شهاب وهو يتذكر ابنة شقيقه التي اكمل تربيتها .. موتها قهره كما كسره فمشهد عريها مع رجلاً اخر ما زال مطبوعاً امام عينيه فعاصم لم يرحمه بأن يريه ابنة شقيقه وتربيته زانية
ابتلع غصته يمسح فوق وجهه ينفض الذكريات من عقله
– انا اد وعدي القرار اللي هتاخدوا انتوا الاتنين انا معاكم فيه …مش هعمل من لبنى خديجه تانيه
واردف وهو يُطالع ادهم
– كنت عايزكم تاخدوا فرصه مش اكتر…يمكن كنتوا لقيتوا سعادتكم سوا
***********************************************