
رواية عيناك لي المرسي الفصل الاول بقلم حنين احمد حصريه وجديده
(المقدمة)
واقفة على سطح الباخرة تراقب كعادتها منذ صعدت
على متنها لتتعلّق عيناها بفتاة تبدو بمثل سنها حتى
عيناها تحملان حزنا ويأسا حملته عيناها هي يوما..
تُرَى ما قصة الفتاة؟!
تساءلت بصمت ليُترجَم سؤالها بصوت عالٍ على لسان
صديقتها المجنونة التي هتفت ما إن اقتربت منها ولاحظت
مسار نظراتها:”بتبصي على العروسة!”
رمقتها بعدم فهم وهي تردد:”عروسة؟!”
“أيوة, ماهي المحروسة اللي بتبصيلها عروسة وفي شهر
العسل كمان”
لم تعلّق ولم يكن هناك داعٍ لذلك فقد تولّت
صديقتها الحديث وهي تقول لاوية شفتيها بشكل
مضحك:
“بقى بالله عليكي ده شكل عروسة في شهر العسل؟!
دي لو مخطوفة كانت هتبقى فرحانة عن كده”
قهقهت وهي تحرّك رأسها تحاول الحديث من بين
ضحكاتها لتعاود شروق الحديث وهي تهمس لها:
“تفتكري زعلها ده ليه؟ يكونش العريس طلع زي أختها!”
لم تستطع تمالك نفسها أكثر فعَلَت ضحكاتها الصاخبة
وهي تحرّك رأسها بيأس من صديقتها التي لا تتغير أبدا
مهما حدث لتوبّخهها شروق بحنق:”ياختي بتضحكي على
ايه؟ شايفاني أراجوز (يشبه المهرّج) قدّامك!”
“يخربيتك ده انتي مصيبة هتجيبي أجلي من كتر
الضحك”
هتفت بها دارين من بين ضحكاتها فلوت شفتيها بحركة
اعتادت على فعلها حتى أصبحت جزءا لا يتجزّأ من
شخصيتها ثم قالت:”اضحكي ياختي اضحكي, مش
أحسن ما تفضلي حاطالي الوش الخشب على طول لما
كأبتيني, ايه الباخرة الغم دي يا أختي!
يالّا مِنُّه للي كلت دراع جوزها بقى ال شار عليا الشورة
الهباب دي”
عادت ضحكات دارين تعلو وهي تقول:”يا ربي ارحميني من
تشبيهاتك الفظيعة دي يا شروق”
قبل أن ترد عليها شروق صدح صوت من خلفهما قائلا
بمرح:”مش عارف ليه حاسس انكم جايبين سيرتي”
أشاحت دارين بوجهها وهي تحاول كبح زمام ضحكاتها
التي تصر على الانفلات على مظهر شروق المرتبك
بوجوده في حين قالت شروق:”اه فعلا كنت بدعيلك
يا شامل وأقول إلهي اللي شار عليا الشورة الجميلة دي
وخلاني آجي الباخرة ربنا يكرمه”
وأكملت بتمتمة خافتة وصلتهما معا:”زي ما كرم مطاوع”
وإلى هنا كانت دارين قد وصلت لأقصى درجات كبحها
للضحك حتى كادت تختنق بها فانفلتت منها الضحكات
العالية وشاركها شامل الضحك بمرح وهو يقول:
“ماشي يا شروق لينا بيت نتلم فيه”
رمقته بنظرات قاتلة وهي تهتف:”ايه لينا بيت نتلم فيه
دي؟! ليه تكونش جوزي وأنا معرفش”
أنهت كلماتها وغادرت تاركة إياهما ينظران بإثرها
بصدمة وهو يتمتم:”أكونش جوزها؟! دي لسه بتسأل!!
امال انا مين؟!”
انطلقت ضحكة دارين عالية فانتبه من صدمته وهو
يجلي صوته بحرج ثم تمتم بتحية خافتة وهو يتبع
زوجته المجنونة ودارين تتابعهما غير قادرة على التوقف
عن الضحك وهي تقول:”مجنونة!” .
(الفصل الأول)
تراقبه من نافذة غرفتها وهو واقف مع صديق له وابتسامة
بلهاء ترتسم على شفتيها.. تنهيدة خافتة فلتت من بين
شفتيها المنفرجتين سرعان ما قطعها صوت والدتها:
“دارين, واقفة عندك بتعملي ايه خشّي جوه عيب
كده فيه ناس واقفة تحت”
تبرّمت وهي تغلق النافذة وتنظر لوالدتها التي ابتسمت
وهي تقول:”يابت اتقلي شوية ماتبقيش مدلوقة
عليه كده, خليه هو اللي يجري وراكي يا هبلة”
“مش عارفة هلاقيها منك يا ماما وال من شروق,
مفيش حاجة بعملها بتعجبكم”
قالتها دارين وهي تزم شفتيها بحنق فضحكت والدتها
وهي تحرّك رأسها بعدم رضا قائلة:”شروق دي عاقلة
وأنا متأكدة أنه لولا شروق كان زمانك زي الهبلة
رايحة تقوليله أنا بحبك.. وزي ليه مانتي هبلة فعلا”
“ماما الله!”
هتفت دارين باستنكار فتركتها والدتها وهي تقول:
“ماتفتحيش الشباك يا امّا هقول لابوكي يقفله خالص”
جلست على فراشها بحنق وهي تلتقط رواية من روايتها
المفضّلة وتستلقي على الفراش تقرأ وهي تتنهد بحالمية
وتتخيل نفسها مكان البطلة وحبيبها هو البطل.
***
عادت إلى المنزل وهي تشعر أنها على وشك قتل أحدهم
ويبدو أن هذا ال أحدهم سيكون ابن عمتها فهو من فتح
لها باب المنزل وهو يبتسم وسرعان ما اختفت ابتسامته
وهو يهتف:”مالها أميرتي الصغيرة؟ مين ال زعّلها؟”
رمقته بحنق قائلة:”أميرتك مش عايزاك تروحلها
المدرسة تاني انا بقولك اهو”
عقد حاجبيه مندهشا منها ليقول:”فيه ايه يا جويرية؟
ايه ال حصل معاكي فيه حد ضايقك؟”
“أنت!”
قالتها وهي تزم شفتيها بحنق فهتف باستنكار:
“أنا؟ ليه عملت ايه انا؟!
“كل ما تيجي البنات يفضلوا يسألوني عليك وقال ايه
عايزين يتعرفوا عليك, واللي عايزة تاخد رقم