
سيف أتعشى هو وهمس، بعدها سابها تذاكر ونام، وهي سهرت تكمل مذاكرة. ولما جه الفجر، دخلت لحضنه تنام.
بدر كان في مكتبه، الباب خبط، ودخلت بنت ماسكة ملف في إيدها وعرفت نفسها: “أنا حنان، اعتبرني سكرتيرة حضرتك.”
بدر استغرب: “أنا معنديش سكرتيرة أصلًا ومش محتاج.”
ابتسمت وعرفت نفسها: “أنا بديلة أستاذ حميد.”
زاد استغرابه: “ليه؟ هو راح فين؟”
ردت بسرعة: “ساب الشركة، لكن ليه؟ ماعرفش. حضرتك ممكن تسأل باشمهندس سيف، أعتقد إنه نسيبك؟”
بدر كشر، فتراجعت وهي تقدم الملف: “الملف ده المفروض أسيبه لحضرتك تراجعه، لأني عرفت إنك بتحب الملفات الورق مش الإلكترونية.”
بصلها بصرامة: “سيبي الملف واتفضلي شوفي وراكي إيه.”
خرجت، وهو خرج وراها، شافها بتقعد على مكتب وسط مكاتب الموظفين في القاعة الكبيرة. كمل طريقه لمكتب سيف، اللي رحب بيه وبعدها سأله: “أستاذ حميد فين؟ وليه مشي؟”
سيف بحيرة ردد: “حميد؟”
بدر وضح بإحباط: “ده كان شغال معايا في الأمور المالية. دخلت النهاردة واحدة مكانه، قالت إنها بديلته.”
سيف كان واضح عليه إنه معندوش علم بحاجة، فرفع سماعة التليفون: “مريم، تعالي.”
في لحظات، كانت قدامهم، فسألها عن حميد. مريم بلغتهم إن الحاجات دي تخصص مروان، وهتروح تسأله، لكنه بلغها تبعته لمكتبه.
بالفعل، مروان راحلهم وجاوبهم: “معرفش ساب الشغل ليه، بس هو قال إنه هيسافر البلد هو ومراته، لأنه جوز عياله خلاص، وعايز يرجع بلده وسط إخواته وباقي عيلته، لأن عياله مسافرين بره. ده اللي فهمته.”
بدر سأل: “طيب مين حنان دي اللي جت مكانه؟”
مروان رد: “المفروض إنها أكفأ واحدة بعده، وكانت دراعه اليمين، وعارفة كل كبيرة وصغيرة.”
سيف باهتمام: “مضايقاك في إيه يا بدر؟ لو عايز تمشيها أو…”
قاطعه بسرعة: “لا لا، أمشيها إيه! أنا بس قلت أفهم. الدنيا تمام.”
انسحب بدر ورجع لشغله، ومروان قبل ما يخرج سأل سيف بفضول: “هنروح إمتى؟”
سيف عمل نفسه مش فاهم: “نروح فين؟”
مروان بغيظ: “لأبو هالة.”
سيف كأنه بيفتكر: “آه، أبو هالة؟ اللي جالك وطردته؟ اممم…”
مروان بنرفزة: “بقولك إيه يا سيف، الموضوع مش متحمل غتاتة، فجاوبني هنروح إمتى؟”
سيف ابتسم لضيقه: “ما قلنا على الظهر نتحرك. إيه اللك ده بقى؟ ولا هو أي رغي والسلام؟”
أمل صحيت من نومها مستغربة هي فين وإيه الأوضة الغريبة اللي هي فيها. اتلفتت حواليها تحاول تفتكر هي فين؟ وليه لوحدها؟ بتلقائية نادت: “كريم؟”
باب البلكونة الموارب اتفتح، وظهر كريم: “صباح الخير يا روحي.”
اتنهدت بارتياح أول ما شافته وابتسمت. افتكرت إنها في شقة سيف وافتكرت مكالمة كريم لمؤمن علشان يخلي باله من العيال لأن أمل معاه.
قعد جنبها على السرير، فسألته: “الوقت إيه؟ نمت كتير؟”
ابتسم وهو بيبعد شعرها عن وشها: “لا عادي، مش كتير.”
سندت على كتفه بحب: “إنت ليه مش جنبي؟”
ضمها، ومحبش يقولها إنه شبه بطل ينام لأن عقله هيجن من التفكير، بس ابتسم: “صحيت من شوية، فمحبتش أقلقك. تحبي نقوم نفطر مع بعض؟”
اتعدلت وهتقوم، بس بصت حواليها وهي بتشد الغطا عليها: “طيب ألبس إيه؟ هات قميصك.” (فكرت) “أنا إزاي مفكرتش أجيب أي هدوم ليك؟”
كريم ابتسم وهو بيناولها قميصه، فسألته: “إنت جايب الهدوم اللي عليك دي منين؟”
جاوبها: “بتاعة سيف أكيد.”
قامت وهي بتقفل كام زرار: “تعال نشوف هنفطر إيه.”
خرجوا مع بعض للمطبخ، فسألته: “تفتكر التلاجة فيها أكل؟”
كريم رد: “تعالي نطلب أي أكل أو نطلع نفطر بره.”
فتحت التلاجة بفضول، لكنها اتفاجئت إن فيها كل حاجة ممكن يحتاجوها. فتحت الباب أكتر وهي بتبص لجوزها: “فيها أكل. نعمل فطار ولا نطلع بره؟”
كريم: “براحتك.”
أمل ابتسمت: “يبقى نعمل فطار. تعال هنا، بقالنا كتير ماعملناش حاجة زي دي لوحدنا.”
حضروا فطار سريع وقعدوا الاتنين في المطبخ يفطروا. أمل كانت ملاحظة شرود كريم كل شوية، بس بتتكلم وترغي علشان تخليه ياكل معاها. كانت شبه بتأكله هي، وبتحط الأكل في بوقه لحد ما اكتفى. بعدها سألته: “قررت إيه؟”
بصلها بجدية: “لازم أسافر يا أمل.”
هزت دماغها بتفهم: “هسافر معاك يا كريم.”
بصلها برفض: “لا طبعًا. وإياد وإيان؟ هتسيبيهم لمين؟ لا يا أمل.”
أمل أصرت: “مش هتسافر لوحدك يا كريم.”
كريم بإصرار: “ومش هسافر بيكِ. واقفلي الحوار ده أصلًا، لأني مش هسافر بيكِ.”
حاولت تتناقش معاه ، لكنه قفل النقاش وطلب منها تروح للشركة تشوف الدنيا فيها إيه، وقبل الشركة تروح تطمن على العيال.
أمل وصلت البيت، استقبلتها ناهد بلهفة: “كريم كويس يا أمل؟ طمنيني عليه؟ هو فين؟ لسه في شقة سيف؟”
قبل ما تجاوبها، طلع حسن اللي كان رايح الشركة ووقف قصاد أمل: “مش عايزك تباتي بره البيت تاني يا أمل.”
ناهد بصتله باستنكار، أما أمل علقت: “أنا مش هتخلى عن جوزي وأسيبه لوحده في أزمته.”
حسن بصلها: “وأنا قولت مش عايز بيات بره بيتك تاني.”
أمل بصتله بذهول وإصرار في نفس الوقت: “وأنا قولت لحضرتك مش هتخلى عن كريم، حتى لو حضرتك اتخليت عنه أو صدقت اللي اتقال في حقه. أنا مش هتخلى عنه.” (حاول يتكلم، لكنها كملت) “حتى لو البيبي ده إبنه حقيقي، مستعدة أربيه معاه لأنه إبن المرشدي. بعد إذنكم، هدخل أطمن على العيال.”
وقفها قبل ما تمشي : الناس اللي بيحاربونا مش بعيد يكونوا مراقبينك وشايفين تحركاتك فبلاش تظهري جنبه ، سيبيهم يصدقوا انهم فرقوكم عن بعض .
بصتله برفض : لا يمكن ، هعمل اي شيء الا اني ابعد عن جوزي او أسمح لأي حد يبعدنا عن بعض ، بعد اذنك يا عمي
انسحبت من قدامهم، والاتنين راقبوها لحد ما اختفت. ناهد علقت: “المفروض الكلام ده يطلع منك إنت، مش منها هي ، بلاش يا حسن تبعدهم عن بعض ، خليهم واقفين ساندين بعض وربنا هيفضل معاهم ، كل يوم بحمد ربنا وأشكره إنه وقعها في طريق إبني، وهفضل أحمده وأشكره لآخر يوم في عمري.”
عز كان في البيت قاعد في الجنينة واتفاجئ بعواطف عنده بتبلغه إن سبيدو موجود وعايز يقابله، فوافق وطلب منها تدخله لعنده.
سبيدو دخل مع عواطف مستغبي نفسه إنه جه من غير ما يكون سيف موجود. هو صحيح كلمه قبل ما يجي وطلب منه يقابل أبوه، بس كان المفروض يختار وقت يكون صاحبه موجود علشان يتكلم معاه.
عز وقف يستقبله، وبعدها قعد قصاده، ومكنش عارف يبدأ الكلام معاه إزاي.
عز ابتسم لأنه أول مرة يشوف سبيدو محرج أو ساكت بالشكل ده فعلق: “لا أسكت الله لك حسًا، مش متعود عليك ساكت كده.”
سبيدو ابتسم بحرج: “ولا أنا متعود على نفسي كده. طيب بما إني فاشل في تزويق الكلام واللف والدوران، خليني أجيبها على بلاطة كده مرة واحدة.”
عز ابتسامته وسعت: “هاتها مرة واحدة.”
قاطعهم وصول سلوى اللي علقت: “إيه هي اللي يجيبها مرة واحدة؟”
سبيدو وقف واتغاظ من وصولها، بس ابتسم ورحب بيها، وبعدها هي كررت سؤالها: “بتتكلموا عن إيه؟ ولا بتتكلموا عن البيزنس؟”
سبيدو فكر يتكلم عن أي حاجة تخص المصنع وينتظر وجود سيف، لكن تراجع. سيف لسه مفجرش قنبلة خليل، ولو انتظر محدش عارف إيه ممكن يحصل. فزي ما قال لأبوها، هيقولها مرة واحدة. بص لهم الاتنين: “أنا جاي بخصوص باشمهندسة آية.” (بص لعز) “زي ما حضرتك عارف أو سيف بلغك، أنا عايز أتجوزها وفي أقرب وقت.”
سلوى ردت بهجوم: “مين دي اللي تتجوزها وفي أقرب وقت؟ ليه إن شاء الله؟ هو سلق بيض؟ إيه هو ده؟ بعدين إنت كلمت سيف! هل قالك إننا موافقين؟”
سبيدو متغاظ منها، لكنه فضل محافظ على ابتسامته: “أه.”
سلوى بصدمة: “أه إيه؟”
سبيدو أكد: “أه، قال إنكم موافقين، وكنت عايز أكتب كتابنا قبل سفريتنا، بس مكنش في وقت فأجلناها. ودلوقتي جاي أحدد ميعاد كتب الكتاب مع عمي.”
سلوى بصت لهم الاتنين بذهول، بس ركزت على جوزها: “إنت قولت لأبنك إنك موافق؟ ولا سيف بيتصرف بدماغه ولا إيه اللي بيحصل!”
سبيدو بهدوء: “حضرتك إيه مشكلتك بالظبط؟”
سلوى زعقت: “مشكلتي إنت، أه إنت صاحب سيف، بس ده مش معناه إني أجوزك بنتي. إنت مين؟ هاه؟”
سبيدو بهدوء يحسد عليه وبنبرة من التهكم: “أنا مين؟ أنا مدير مصنع من أكبر المصانع في الشرق الأوسط، تبع عيلة الصياد لو تعرفيهم.”
سلوى بصت له بغيظ: “ده لأنك صاحب…”
قاطعها: “لا، أوعي حضرتك تكملي الجملة دي. سيف ما طلبش مني ولا اترجاني أمسك المصنع علشان صاحبه. سيف كان محتاج حد يثق فيه وفي نفس الوقت قوي يقدر يسيطر على مصنعه وعلى عماله. مفيش رجل أعمال بيسلم نفسه لحد لمجرد إنه صاحبه، وإلا يبقى فاشل. وأعتقد إن إبن حضرتك مش فاشل.”
سلوى بتهكم: “والله بدأت أشك في قراراته كلها.”
عز رد عن إبنه: “إبنك في سنة واحدة عمل مشاريع تقدر تسد ديون توصل لـ٥٠٠ مليون، واتخلص من المحلاوي، وعمل شراكة مع أكبر شركة في العالم.”
دورت وشها بعيد عن نظرات جوزها وكملت مع سبيدو: “بعيد عن شغل عيلتنا، إنت إيه؟ يعني بمعنى تاني، بعيد عن راتبك من المصنع، مصدر دخلك إيه؟”
ابتسم بسخرية: “مصدر دخلي؟”
سلوى بسخرية مماثلة: “الدارك ويب والسباقات الغير مشروعة؟ عملت فلوسك منها؟”
سبيدو: “لا طبعًا، موضوع السباقات ده كان مجرد هواية وراحت لحالها. حضرتك عارفة كويس إني عندي أكبر معرض للسيارات في البلد، ده غير أصلًا إن والدي الله يرحمه كان سايب كل حاجة باسمي. فلو هنتكلم من الناحية المادية، حضرتك مش هتلاقي حاجة تتكلمي فيها.”
سلوى بغيظ: “ووالدتك؟ ما شوفتهاش من سنين؟” (أضافت بتهكم) “سمعت إنها اتجوزت.”
سبيدو أكد: “أيوه، اتجوزت وعايشة في إيطاليا من أكتر من ١٠ سنين. فضلت معايا بعد وفاة والدي لحد ما استقريت في الجامعة، بعدها سافرت وهناك اتعرفت على جوزها
وفضلت هناك. فين المشكلة؟ واحدة جوزها اتوفى وبعد وفاته بسنين اتجوزت، إيه مشكلة حضرتك؟”
سلوى مردتش، فبص لعز: “هاه يا عمي، نكتب الكتاب إمتى؟”
سلوى بصت لجوزها منتظرة إجابته، وعز فكر شوية قبل ما يرد: “قبل ما أحدد ميعاد معاك يا سبيدو، لازم أتكلم مع آية نفسها ومع سيف كمان، وبعدها نحدد.”
سبيدو وقف: “تمام، شوف حضرتك المناسب وبلغني أو سيف يبلغني. بعد إذنكم، نهاركم أبيض.”
انسحب، والاتنين راقبوه لحد ما اختفى من قدامهم. ساعتها سلوى وقفت وانفجرت في جوزها: “البني آدم ده مش طيقاه، ولا يمكن أوافق عليه.”
عز وقف: “الشمس سخنت، هدخل جوه.”
سلوى وقفته: “بطل تتجاهلني.”
عز شد دراعه وزعق: “بطلي تتجاهلي إنتِ رغبات عيالك! آية موافقة عليه وعايزاه، وإبنك شايفه راجل كويس، سيادتك معترضة ليه؟”
سلوى زعقت: “لأنه فولجر!”
عز زعق زيها: “بس راجل يعتمد عليه في زمن أشباه الرجال انتشروا. ده راجل، مش بنت عايزاها تفهم في الإتيكيت زي ما بتحاولي تعملي في مرات إبنك! ليه مش قادرة تفهمي إن المظاهر دي لا تعني شيء لعيالك؟ ليه بقيتي تافهة بالشكل ده يا سلوى؟ ولا إنتِ كده من زمان وأنا مش واخد بالي ولا إيه؟”
سلوى اتصدمت من كلام عز، لكنه كمل: “كان المفروض أفهم من يوم ما اخترتي منظرنا الاجتماعي بدل سعادة إبنك إنك شخصية تافهة. إبنك كان بيتدمر وبيموت بالبطيء قدامك، وقلتلك ساعتها مستعد أتحبس وهو يعيش مع حبيبته، بس إنتِ قلتِ لا، خليه يضحي. إيه يعني حبيبته في مقابل العيلة تتشرد والعمال بيوتهم تتقفل؟ بس كل اللي هامك ساعتها منظرك قدام صحباتك في النادي ورصيدك في البنك، غير كده مفرقش معاكِ.”
حاولت تدافع عن نفسها، لكنه زعق: “مش عايز أسمع أي مبررات تافهة. سبيدو أنا موافق عليه، ولو بنتك وإبنك مش معترضين هكتب كتابهم في أقرب فرصة، وده آخر كلام عندي.”