
تسللت لحظة صمت بينهما بعد كلماتها الأخيرة، لكن لم تكن مجرد لحظة عادية… كانت لحظة تحدٍّ، لحظة صراع خفي بين عقلين يرفضان الانكسار.
وقف يزن ينظر إليها، حاجباه مرفوعان باهتمام واضح، قبل أن يميل بجسده قليلًا للأمام، يضع يديه على الطاولة الفاخرة، ثم قال بصوت منخفض لكنه مشحون بالقوة:
— “شروطك؟ دعيني أسمعها.”
رفعت حلا ذقنها قليلاً، عيناها تلمعان بتحدٍّ، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتثبت أنها ليست مجرد رقعة في لعبته.
— “أولاً، أي قرار يتعلق بالمشروع يجب أن نوافق عليه معًا… لا أوامر مباشرة منك.”
ابتسم، وكأنه توقع ذلك، لكنه لم يُعلّق.
— “ثانيًا، لا أريد أن أكون مجرد واجهة، أريد حق التصرف في العمل، كما لو كان ملكي تمامًا.”
ارتفعت زاوية فمه بابتسامة جانبية، ثم قال:
— “بدأتِ تطلبين أشياءً كبيرة.”
تجاهلت سخريته، وأردفت بجدية:
— “وأخيرًا… إذا انتهت المدة المتفق عليها، ولم تلتزم بإعادة المكتبة لي، فحينها سأستخدم كل وسيلة ممكنة لاسترجاعها… وأعدك أنني لن أكون رحيمة.”
ساد الصمت.
نظر يزن إليها مطولًا، وكأنه يقيس مدى جدية كلماتها. ثم، وكأنه استمتع بهذا العرض أكثر مما ينبغي، انحنى إلى الخلف، مدّ يده نحو أحد الأدراج، وسحب منه عقدًا مطبوعًا بالفعل.
دفَعه نحوها، وقال بنبرة لم تستطع تحديد ما إذا كانت استهزاءً أم إعجابًا:
— “أعتقد أنني توقعت شروطك مسبقًا.”
نظرت إلى الورقة أمامها، تقرأ بنودها بدقة، لتجد أنه قد صاغ العقد وكأن الأمور كلها كانت محسوبة مسبقًا. هذا الرجل لا يترك شيئًا للصدفة، وهذا ما جعلها تشعر بأن هذه الصفقة… قد تكون أكثر خطورة مما تخيلت.
•••
مرّ أسبوع على توقيع العقد، وخلال هذه الأيام، وجدت حلا نفسها وسط عالم لم تعتد عليه.
انتقلت من أجواء مكتبتها الدافئة إلى عالم الشركات الفاخرة، الاجتماعات، والمكاتب اللامعة حيث كل شيء يتحرك بسرعة مذهلة. لم يكن العمل مع يزن سهلًا… بل كان أشبه بمعركة يومية لإثبات نفسها.
لكنه كان ذكيًا. كان يراقبها طوال الوقت، يختبر قراراتها، يدفعها إلى اتخاذ مواقف صعبة، وكأنه يريد معرفة إلى أي مدى تستطيع الصمود.
وفي كل مرة كانت تعتقد أنها استطاعت السيطرة على زمام الأمور… كان يفاجئها بخطوة جديدة تقلب كل شيء رأسًا على عقب.
•••
في أحد الاجتماعات المهمة، حيث كان من المفترض أن تقدّم عرضًا حول خطة التسويق للمشروع، جلس يزن في المقعد الرئيسي، يراقبها بصمت بينما كانت تعرض أفكارها أمام مجموعة من المستثمرين.
أنهت حديثها بثقة، والتفتت إليه لتجد نظراته غامضة، ثم قال بصوت هادئ:
— “جميل، لكن هناك نقطة لم توضحيها جيدًا.”
عقدت حاجبيها.
— “أي نقطة؟”
نظر إليها مباشرة، ثم قال بلا تردد:
— “لماذا تعتقدين أن هذه الخطة ستنجح؟”