روايات

رواية بإسم الحب الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون والاخير بقلم الكاتبه هدير ممدوح حصريه وجديده

رواية بإسم الحب الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون والاخير بقلم الكاتبه هدير ممدوح حصريه وجديده

 

كانت يداي ترتجف؛ وانا أمسك بهذا الكوب، كيف لي ان تلامس شفتاي مكان شفتاكِ، كيف سيكون طعم المياه بعدك، اهو كرحيق العسل، أم مراً كالعلقم؟

تراقص قلب ملاذ فرحاً وهي ترى كلمات عصام أمامها.. و ارتجفت يدها وهي تكتب له في التعليقات متسائلة “وكيف وجدت طعمه”

تذبذبت مشاعرها قليلاً بين نعم ولا.. ماذا سيظن بها عندم يقرأ هذا التعليق، وضعت نفسها مرة أخرى في موقف محرج، هذا ما كانت تفكر به..
وسريعاً نوت حذفه ودخلت لتطبيقها ليأتيها شعاراً برده عليها، انتظرت تحميل الرد لثانية، وقرأ القلب قبل اللسان كلماته..
“كان حلواً كعصير القصب”

وأخذ عقلها يقارن بينه وبين خالد.. عصام رجلاً صريح صادق، مشاعره ظاهرة لا يتلاعب، ولكن ماذا ان كان يتلاعب حقاً؟!

دلفت أبرار للغرفة وقالت على الفور بملامح يكسوها الجمود:
_يلا يا ملاذ خلينا نمشي هنتأخر.

تمتمت ملاذ بخفوت:
_أبرار..
رمقتها أبرار بحاجبين معقودان،وتمتمت بخفوت:
_ نعم!..

تابعت ملاذ:
_خايفة أكون اتعلقت بيه، خايفة اخوض تجربة فاشلة تانية، أنا مش عارفه أعمل إيه

زفرت أبرار بعمق تقول:
_عصام صح..

هزت ملاذ رأسها بنعم وتابعت:
_مش عارفة امتى وازاي بس عاوزة أفضل طول عمري معاه ،في وجوده بحس بأمان.

اردفت أبرار تقول بمنطق:
_مش عارفة اقولك إيه الحقيقة، بس حاولي تنسيه يا ملاذ، انتِ دلوقتي حامل وهو اعزب، فوضي امرك لله، وحقك عليا اني بقولك كده.

اردفت ملاذ بنبرة كسى عليها الحزن:
_عادي الحياة دايماً كده مش أول مرة..
وكتمت حزنها داخل قلبها، واسترسلت بأعين تلتمع بالدموع وهي تلتقط حقيبتها:
_خلينا نمشي.

خرجوا الفتيات من الغرفة ليجدوا نوال واقفة بوجههم وقالت بعبوس:
_حالكم ده مش نافع..

تسائلت أبرار في دهشة:
_ماله حالنا بس يا ماما.

ردت نوال تقول:
_انتِ يا ست أبرار مش على بعضك حاسة فيكي حاجة،وملاذ هانم مش ملتزمة مع الدكتورة..

قاطعتها ملاذ قائلة بضيق:
_هتابع يا ماما،مش كل شوية تفكروني إني حامل..

القت جملتها تلك وغادرت من أمامهم.

تمتمت نوال بذهول:
_مالها دي
تحدثت أبرار قبل ان تلحق بشقيقتها:
_ماما متقلقيش علينا كل حاجة تمام، ادعيلنا ماشي..

دعيالكم يابنتي وقلبي راضي عليكم..
ابتسمت أبرار باطمئنان بعد دعوة والدتها، وذهبت على الفور.

🌺صلي على محمد🌺

هتفت نداء بجدية،وهي تجلس أمام والدتها بمنزلها:
_ايوة يا أمي ده اللي حصل هي جات تهددني، وهو جه يراضيني.

ردت صباخ في ريب:
_يا أما جوزك بيغفلك وعاوز يضحك عليكي، او فعلاً ندمان وهو عاوز يرجعلك.

التمعت أعين نداء ببريق واردفت بخفوت:
_و لو نيته كانت سليمة وعاوزنا نرجع لبعض، رأيك إيه؟.. ارجع، ولا اطلق و أعيش بعيالي.

ترددت صباح فالقول أولاً، ولكنها تحدثت:
_الخيار مش سهل يا بنتي، بس انتي دلوقتي عندك عيال، هيبقوا هما الضحية ما بينكم، إيه فايدة العناد ما بين الطرفين، لو الأذى هيقع على أطفال مالهمش ذنب، نفسهم بس يعشوا مع عيلة زي أصحابهم..

قاطعتهم نداء تقول:
_يعني عاوزة ارجعله يما؟!

_لو مكنش في عيال كنت هقول في داهية، بس هقولك خافي على صحة عيالك النفسية يا بنتي و ارجعي، لو في نيته الرجوع.. قالتها صباح بحكمة.

ردت نداء بحسم:
_بس أنا مش هرجع على ضرة، انا عاوزة أكون حرة، وهي هتبقا دايماً الحبل اللي لافف على رقبتي.

تمتمت صباح بخفوت:
_بكرة يبان يا بنتي ونشوف ايه اللي هيحصل.

و كزتها “عايدة” لتفيق من نومها قائلة:
_قومي كفاية نوم الضهر قرب يأذن وانتي نايمة ولا على بالك.

فتحت منال جفنها بتثاقل، وهي ترى حماتها واقفة فوق رأسها،فقالت بنعاس:
_خير يا ام سيد عاوزة إيه مني .

ردت عايدة بحنق:
_البيت كله عاوز يتروق، وحضري الغدا، ولا اتعودتي تنامي و الأكل يجيلك لحد عندك، قومي ياحبيبتي.

اعتدلت منال قائلة بغيظ:
_هو كمان مش كفاية نايمة على الأرض، وابنك الحلو مجاش جمبي، ازيد اكتر ولا اكتم جوايا وكمل نومي.

رفعت عايدة حاجبيها بدهشة قائلة:
_وهستنى إيه من وحدة خانت صحبتها ولفت لحد ما خدت جوزها.

ومالت عليها وهي تلتقط الغطاء واستطردت.:
_قومي بدل ما أخلي نهارك شبه قفاكي ده يا بت.

استقامت منال واقفة وتابعت بحدة:
_قومت يا حماتي وهعمل اللي قولتي عليه، بس اوعك تتعودي على كده لاني مش الخدامة اللي جبهالك صابع البرمبة بتاعك.

دفعتها عايدة من كتفها قائلة بغضب:
_امشي كده جاتك ضربة فقلبك، قليلة رباية.

دفعت منال يدها تقول بامتعاض:
_لا أوعي تمدي ايدك، انا محترمة إنك ست كبيرة.

اردفت عايدة بتهكم:
_طيب يا محترمة لما يجي جوزك من الشغل.

لم ترد عليها منال بل تركتها وتوجهت إلى المطبخ.
༺༺༺༻༻༻

وصلوا الفتيات إلى القاعة وبعدما ترجلوا من السيارة، هتفت أبرار قبل ان تدخل..
_ملاذ استني عاوزة اقولك حاجة.

ردت ملاذ بهدوء:
_قولي يا حبيبتي..

توترت أبرار قبل القول:
_انا بصراحة رايحة مع عز مشوار، وهسيبك بس هرجع اخدك.

هتفت ملاذ بذهول:
_أبرار انتِ مخبية إيه بالظبط، وايه اللي بينك وبين عز؟.

_مش هقدر اقولك غير اننا مش بنعمل حاجة غلط، ادعيلي يا ملاذ ومش عايزة أمي تعرف بحاجة.

ردت ملاذ بقلق على حديثها:
_انا قلقت ومش مرتاحة لكلامك ده.

ردت أبرار بلهفة:
اوعدك مش هتأخر وهرجع بسرعة.

اردفت ملاذ بهدوء:
ماشي ياستي روحي.

تركتها أبرار على الفور بعدما أشارت لسيارة أجرة، توقفت بها أمام مركز الشرطة..
توجهت أبرار للأمام يعدما اعطت السائق أجره…
في تلك الأثناء كان عز واقفا جانباً في انتظارها، وما ان وقعت أنظاره عليها تقدم منها، ووقف أمامها يقول:
_ها جاهزة.

تحدثت أبرار بتوجس على غير العادة:
_كله تمام بس خايفة مش عارفه ليه.

انزوى حاجبي عز بذهول، وتسائل:
_من إيه؟

ردت أبرار:
_خايفة أدخلك في مشاكل وافتح على نفسي أبواب مش هقدر اسدها.

أجاب عز بهدوء:
_أنا معاكي في أي حاجة، ومش عاوزك تقلقي..
وإضاف بمرح:
وبعدين ياستي لو أمي عرفت حاجة عن الموضوع ده، كانت لمت نسوان الحارة وراحت لعمك فرمته.

ابتسمت أبرار على حديثه، و زفرت بعمق قائلة:
_مستعدة يلا بينا.

༺أستغفر الله العظيم و اتوب إليه ༻

قبض بهجت على تلابيب قميص محفوظ وهو يجأر في حدة:
_انا ماليش دعوة بكل الكلام ده الفلاشة لو مطلعتش من تحت الأرض هد فنك.

_ابعد كده.. قالها محفوظ محتداً وهو يدفعه واسترسل:
_قولتلك قلبت عليها المكتب مش لاقيها أفهم، هعمل إيه أكتر من كده..

صاح بهجت بتهديد:
_رقبة ابني، بحياة عيلتك كلها يا محفوظ صدقني هنهيك، أنت فاهم..

هدر محفوظ بقوى:
_أنت شايفني عيل أهبل ما انا كمان متنيل معاكم متورط فالموضوع،يعني ياحلو رقابنا أحنا التلاتة هطير،لو الفيدلو وصل للحكومة.

عاد بهجت يجلس على مكتبه ورد بتريث:
_اومال الفلاشة هتكون راحت فين يعني،احنا كده ضعنا،ضعنا خلاص.

تعالى صوت رنين هاتفه، فالتقطه يقول بدهشة:
_ده هشام وده من نفس عيلتي..

رد محفوظ بتعجب:
_مش فاهم إيه المشكلة يعني؟!

قال بهجت في وجل:
_ظابط..

تنبه محفوظ لقوله، واستقبل بهجت المكالمة قائلاً بهدوء:
_أهلاً أهلاً هشام حبيبي اخبارك إيه؟!.

جاءه صوت الأخر مقتضب:
_عمي عاوزك تسمعني كويس، في شخصين كانوا عندي من دقيقة، و قدمولي فلاشة عليها دليل قوي يدينك أنت وابنك وواحد تالت معاكم،الموضوع ده لو وصل لحد كبير من الداخلية،سمعة العيلة هتكون في الأرض.

_مين، مين اللي سلمك الفلاشة.. قالها بهجت وهو على اتم الاستعداد للقضاء على الجميع.

هتف هشام يقول:
_أبرار وعز الاتنين دول.

قال بهجت بجدية:
_انا هعدي عليك، هشام أنت عارف ابني الوحيد رقبته ممكن تطير و مكانتك، وسمعة العيلة كلها بين ايدك، الفلاشة لو وقعت في إيد حد هندمر.

رد هشام في تريث:
_عارف، و إلا زماني كان قابض عليك، بس ادعي أنه الاتنين دول ما يكونش عندهم اي نسخ تانية.

_مش هيكون ياحبيبي، سلام..
و أنهى بهجت المكالمة، وجأر بوجه محفوظ قائلاً:
_مين عز وأبرار، الفلاشة طلعت من مكتبك يبقا أنت عارف ميين دول.

همس محفوظ بشرود:
_أبرار..
وتذكر عندما وجدها هي وشاب اخر أمام مكتبه.

هتف محفوظ قائلاً:
_بنت اخويا، بس الغريب ازاي عرفت بالموضوع ده.

صاح بهجت بتهكم:
_بنت اخوك، بنت ابوك تجيبها ولو تحت الأرض أنت فاهم..

واستطرد بغضب:
_أنا هعرف ازاي أربيهم.

༺༺༺༺༻༻༻༻

بعدما خرجت أبرار مع عز من قسم الشرطة، تحدثت :
_مش عارفه ليه حاسه الظابط ده اتفاجئ لما شاف الفيديو، وليه حسيته اتعامل مع الموضوع بهدوء كده؟

رد عز قائلاً:
_لا ده انتي المسلسلات لحست مخك خلاص، انتِ فكرك بقا هيطلع تبع العصابة وهيخبي الموضوع وكده.

لكمته أبرار على كتفه وردت بحنق:
_ياعم اسكت، انا زهقت منك أصلاً.

تعالى صوت عز وهم يسيرون فالشارع:
_آه قولي كده بقا خدتي مني غرضك و رمتيني ..

هشش يابني آدم يا متخلف انت احنا فالشارع، قالتها ابرار وهي تنظر حولها..

فقهقه عز عالياً وتابع مرواغاً:
_يا حلاوتك و انت خايف لحد يشوفك كده.

_بس، لحد هنا وكفاية، طريقك أخضر يا برنس، أرجع الحارة، وانا هجيب اختي وارجع.

ارتفع حاجبه قائلاً بغيظ:
_لا يا شيخة!..
إيه رأيك بقا رجلي على رجلك لحد ما نروح.

رفعت أبرار أصبعها أمام وجهه بتحذير:
_صوتك، مش عاوزة اسمعه لحد ما نروح.

༺لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم༺

صاحت فاطمة تقول ببكاء وهي تتحدث مع سارة:
_كفاية بقا أنا تعبت يا سارة، كل يوم تهديد، بيكلمني من أرقام جديدة،وبيهددني بصوري.

ردت سارة بنزق:
_وانتِ حد قالك ابعتيله صورك، كنتِ سألتي من قبلها يا شيخة فاطمة.

هتفت فاطمة محتدة:
_حذاري تتريقي أنا عارفة إني أنا اللي عملت كده في نفسي لما مشيت وراكم، وزي ما دخلتوني فالموضوع ده خرجوني منه، خلي مروان يكلم اللي أسمه جاد ده ويبعد.

ردت سارة بفظاظة:
_لا أحذري انتِ يا قطة، هو حد ضربك على ايدك.
هتفت فاطمة وقد طفح الكيل:
_وانا مش هسكت وهبلغ عنكم لو الموضوع ده متلمش..

عادت ملاذ مع شقيقتها إلى منزلهم، كانوا جالسين بغرفتهم، فتحت نوال الباب، قائلة وهي تدلف للداخل:
_مساء الجمال على بناتي الحلوين الغاليين ووضعت حامل كان عليه كوبان من الحليب جانباً.
واسترسلت تحت نظراتهم ووجوهمم المبتسمة:
_من يوم ما ملاذ اشتغلت وانا حاسة اني مش عارفة اتلم عليكم.
وجلست على طرف الفراش معهم.

فقالت ملاذ بود:
_وانتِ يا ماما بتوحشينا أوي اليوم كله ضايع وبنرجع ناكل لقمة نقعد شوية ونام، نصحى بدري نجهز ونمشي وهكذا.

_ايوة ما انا عشان كده جبتلكم لبن وشوكم مخطوف، وبدلت أنظارها إلى أبرار الشاردة، وصاحت بوجهها:
بت يا أبرار..
انتفض جسد أبرار بفزع من صراخ والدتها بوجهها، وقالت:
_حرام عليكي يا أمي انخضيت.

قالت نوال بتوبيخ:
_ده انا اللي مخضوضة؛ اصل قعدتك وسكوتك ده بيجي بعده مصيبة، فاحكي إيه اللي شاغل بالك، عملتي إيه يا مصيبة.

أضافت أبرار بمرواغة:
_ايه اللي انا سمعته ده، هي أمي امتى اتقمصت دور الست صباح وبقت تتكلم زيها.

فقهقهت ملاذ عالياً، على حديثهم وتعابيرهم.

فاستقامت نوال تقول:
_ليكي يوم هاخدك فيه عجن لو عاملة مصيبة..

وتقدمت أمام لتخرج.
فصاحت ملاذ:
_خليكي قعدة معانا شوية.

ردت نوال قائلة:
_بنتفرج انا و اخوكي برة، وبعد ما تشربوا اللبن خلي اللي شكلها بتحب دي تخرج الكوبيات وتغسلهم.

اردفت أبرار بتذمر:
_حب إيه بس ده ياماما، لا أنا مش بتاعت الكلام ده.

رمقتها نوال بشمئزاز وغادرت، فصاحت أبرار من بعدها:
_الست دي لقتني على باب جامع مستحيل تكون امي.

اعتدلت ملاذ في جلستها، ونظرت بتمعن لأبرار قائلة:
_اسكتي بس خلينا في موضوع، عملتي ايه مع عز، احكيلي قصة حبكم، هيتقدملك امتى.

_على مهلك بس يابنتي حب ايه، انا ليا فالكلام ده برضه..

ضيقت ملاذ أعينها قائلة في مرح:
_على بابا يلا.
ابدلت أبرار الحديث، وتسائلت:
_سيبك مني قوليلي عملتي إيه مع عصام النهارة.

اعتدلت ملاذ في جلستها وهي تقول بضيق:
_ولا حاجه اتجهلته، بس كان في تعامل خفيف ما بينا، انتِ عارفة هو شايل معايا الحمل برضه عشان العدد كبير.

باغتتها أبرار بقولها:
_أصله كلمني.

تفاجئت ملاذ قائلة:
_ازاي، بتتكلمي جد؟.

_جد، الجد كمان قالتها وهي تفتح هاتفها على إحدى المحدثات، و أعطت الهاتف لشقيقتها لتقرأ ماكتب..

“استاذة أبرار أنا عصام.. محتاج أعرف هي ملاذ زعلانة مني في حاجه، النهاردة كانت بتصدني حسيت ان فيها حاجه مش طبيعية”.

ورسالة أخرى دق قلبها لها بعنف وهي تلتهم الأحرف بشوق..

” بصراحة كده انا معجب بيها، وانا مش بلف ودور أنا عاوز اتقدملها”

انبلجت بسمة جميلة زينت محياها، ولكن تستمر طويلاً، فثوانِ قليلة وجثم الحزن على ملامح وجهها البريئ…

واضافت بحزن تجلى في نبرتها:
_يبقا لازم أصده دايماً، لأننا مستحيل نجتمع، طريقنا مش واحد.

ربتت أبرار على يدها في حنو، واردفت ملاذ بخفوت وهي تهرب من واقعها، تصبحي على خير هنام…
وبالفعل استلقت على الفراش و دثرتها أبرار جيداً.

بزع الصباح بشمس حادة توسطت السماء بضوئها الذهبي.

وكالعادة ذهبت أبرار مع شقيقتها إلى القاعة،كادوا ان يدلفوا للداخل، فتوقفت سياردة سوداء أمامهم هبط منها شخصان أقوياء اشداء البنية.

وضع الآخر يده حول فمها والأخرى حاوط خصرها،توسعت أعين ملاذ بدهشة،وقبضت على يد شقيقتها وهي تصرخ بأسمها، فتوقف الآخر حائل بينهم وهو يخرج نصل حاد من جيب بنطاله وقال بصوتاً غليظ:
_ارجعي لورا ومن غير صوت بدل ما مطلع مصرين بطنك ياحلوة.
وكردة فعل منها احاطت جنينها..

اما أبرار ألقى بها داخل السيارة، فصرخت ملاذ بأسمها وكادت ان تتقدم فدفعها الرجل للوراء..

رأى عصام هذا المشهد، أحدهم يدفع ملاذ للخلف فاستندت هي على حائط بالقرب منها وقفز داخل سيارته وفروا هاربين.. ركض عصام إليها سريعاً، وتسائل في رعب دب ثنايا القلب من رؤيتها هكذا:
_انتِ كويسة مين دول؟.

تمتمت ملاذ بخفوت وهي تحاوط خصرها بحماية، وقالت كالتائهة:
_ابني، اختي، اتخطفت..

الفصل السابع عشر

رواية باسم الحب
بقلمي هدير ممدوح

في حجرة صغيرة بها ضوءٍ خافت ينبعث من نافذة صغيرة تقبع أعلى الجدار.
معصمة العينين، ومكبلة اليدين إلى ما وراء ظهرها كانت أبرار، مسندة ظهرها إلى ظهر عز المقبل معها، لا يخف حاله عن حالها.

صدر صوته يقول بحنق:
_اهدي يا أبرار وبلاش فرك..

ردت عليه بحدة:
_أهدى إيه أنت كمان، انت مش واخد بالك إننا اتخطفنا، يا برودك يا أخي.

أردف عز بنزق:
_أخص عليا قاعد بسلي فيكي عشان الخوف يحل عنك، مفيش فايدة برضه.

ردت أبرار ممتعضة:
_لو كان لينا عمر وطلعنا من هنا، أول حاجة هعملها هخنقك.

_بالعكس مفروض أنا اللي اخنقك، و اهو المجتمع يرتاح منك.. وتابع عز بجدية:
_بس أوعدك هنطلع من هنا.

قالت أبرار بتوجس،ولم تبالي لحديثه الساخر:
_ازاي بس يا عز.

رد عز بثقة:
_اطمني مش هسيبك، و هنخرج..

استمعوا لصوت الباب يفتح، وصدر صوت بهجت يقول بتهكم:
_عصافير الحب عاملين إيه عندنا ، و أشار لرجل دخل خلفه، فنزع الرباط من على أعيونهم..

أبصرته أبرار أولاً، فهو كان واقف أمامها مباشرةً، وتابع حديثه وهو يدور حولهم:
_من غير لف ودوران كتير، الفلاشة يا حلوين اللي قدمتوا البلاغ بيها معايا، يعني كده قدامنا حلين، وانتو قدامكم الاختيار.

واستطرد بحدة:
_لو معاكم نسخة تانية من الفلاشة تطلع، وإلا أرواحكم هي اللي هتطلع بدالها.

هتف عز يقول:
_لا اسمعني أنا يباشا..

توقف بهجت أمامه وهو ينظر إليه بتمعن..

و هتف عز يقول بثبات:
_350ألف جنيه، و أسلمك النسخة التانية، ونطلع أنا أبرار من هنا..

توسعت أعينها بصدمة من هول ما استمعت إليه، وصاحت قائلة:
_عز أنت بتقول إيه؟!

رد عز قائلاً بتريث:
_احنا غلابة يا أبرار و مش قد اللعبة دي ناخد قرشين للزمن وهما يا خدوا اللي ليهم..

ربت بهجت على كتفه قائلاً:
_برافو عجبتني، بس وحياة ابني اللي ماعندي غيره لو طلعت بتحور لدبحك قدام السنيورة.

صرخت أبرار قائلة:
_عز احنا مش هنسيب حق البنات دي، عشان دلوع أبوه مش سارق كورة..

_أخرسي.. قالها بهجت وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله، وقام بالضغط عليه، ووجه شاشته أمامها، لتحدق به بأعين متسعة وهي ترى عمها يتحرش بأحدى الفتيات…

تمتم بهجت ساخراً:
_واضح ان العيلة الكريمة فيها شخص يشرف أوي، إيه رأيك بقا أنزل الفيديو ده والعالم كله يشوفه.

اردفت أبرار بثبات:
_ولا يهمني، أعمل اللي تعمله ومش هتنازل عن حق رفيف.

قال بهجت بهدوء:
_حلو، يبقا نعمل فيكِ نفس اللي اتعمل لـ رفيف، وبكده ابقى خلصت على أخر دليل..
وبدل نظره للرجل الواقف معه يقول:
_ولا إيه رأيك يا حسن.

تفحص الآخر أبرار بنظرة جريئة وتمتم بوقاحة:
_خدامك يابيه وعلى قلبي زي العسل..

دب الرعب ثنايا قلبها، وهي ترى نظرات المدعو حسن، بينما صرخ عز قائلاً:
_أطلع، أطلع يباشا وانا هعرف اقنعها.

هتف بهجت بغضب:
_هتضحك عليا يالا..

قاطعه عز هاتفاً:
_اسمع بس، أنا و أبرار لازم نطلع؛ لأن كل الشكوك عليك.

ابتسم بهجت ساخراً،وقال:
_ازاي بقا ياحلو..

_فك ايدي وانا هفهمك كل حاجة.

أشار بهجت لـ حسن ففك وثاق يده، ووقف بهجت أمامه.

أخرج عز هاتفه من جيبه،وفتحه على شات كانت بينه وبين صديقاً له.

قرأ بهجت محتوى المحادثة، وهتف عز:
_زي ما انت شايف بلغت واحد صاحبي بكل التفاصيل اللي حصلت، يعني لو أنا أو أبرار جرا لينا حاجة أنت المسئول، ولو على الظابط معرفتك، فالدنيا مليانة حكومة.

رأى عز تعابير وجهه المقتضبة، فستأنف حديثه:
_نحلها ودي، أنا هاخد 350ألف وهسلمك النسخة التانيه من الفلاشة ونطلع أنا و أبرار سالمين، اتفقنا.

صاحت أبرار بغضب:
_أنا مش معاك في أي حاجة أنت طلعت زيهم، جشع، وطماع..

قال عز بضيق:
_ما تقفلنا بق البنت دي يا بيه..

أشار بهجت لحسن، فوضع لاصق على شفتاها..
وران الصمت على بهجت وبدا عليه التفكير بالأمر، وتحدث بعد دقيقة:
_ولو عملتلك اللي انت عايزه و السنيورة خربت الدنيا؟

اجابه عز:
__لا ما انا مش عبيط، و السنيورة هعرف اسكتها كويس..

هتف بهجت بعد تفكير:
_طيب، ما انا عندي حل تاني،  ونريح.

رد عز بلهفة:
_القلب وما يريد يا بيه، للأسف بحبها، بس عند الجد نفسي نفسي، يعني لو كلمة كده ولا كده وقعت منها موتها يبقا على ايدي أنا، قلت إيه.

🌺صلي على محمد🌺

بمآقي تذرف الدمع كانت ملاذ جالسة بمركز الشرطة وبالمقابل لها عصام، تحدثت قائلة:
_ايوة هو ده اللي حصل، العربية وقفت و اخدتها ومشيت، خفت أقرب يؤذوني عشان أنا حامل..

غاب عقل عصام وشرد، ماذا تعني حامل؟!.. هل كل ذلك كابوس وسيفيق منه؟..

كان نظره معلق على خصرها، ولم يستمع لقول الظابط الذي وجه سؤاله مرة أخرى يقول:
_يا استاذ أنت شاهد على اللي بتقوله المدام؟.

هتف عصام بارتباك:
_آه، اه، انا مشوفتش الحادثة من أولها بس شوفت الراجل وهو بيدفع ملاذ وكان ممكن تقع،وبعدها نط جوة العربية ومشيوا..

اردفت ملاذ بغصة باكية:
_أستاذ هشام أرجوك اتصرف.

رد هشام يقول:
_هحاول، ولو في جديد هبلغكم بالموضوع، شرفتوا.

استقام عصام واقفاً وهو يتمتم:
_يلا يا ملاذ ولو حصل جديد هيكلمونا، كفياكي عياط.

استقامت ملاذ واقفة، وسارت بجانب عصام حتى خرجوا من المركز..
هتف عصام قائلاً:
_انا بلغت المشتركين اننا مش هنكون موجودين النهاردة.

هزت ملاذ رأسها عدة مرات، واردفت:
_مش عارفة هرجع ازاي ولا هقول إيه لماما.

غمغم عصام بهدوء:
_بلاش تروحي دلوقتي استجمعي نفسك، واهدي، وبعدين هوصلك، تمام

ردت ملاذ بخفوت:
_تمام..

في الجامعة..

ارتفع صوت ضحكات سارة وهي تجلس مع مجموعة من الشباب، اقتربت فاطمة منهم ووقفت أمامها تقول:
_أنا مش عارفة ازاي سمحت لنفسي فيوم إني اعرف واحدة زيك.

رفعت سارة حاجبها وردت بغضب:
_وكان حد ضربك على ايدك يا حلوة ولا إيه..

واقتربت من أذنها تقول بهمس:
_لبسك الشيك والنظافة اللي كانت ظاهرة عليكي بتقول إنك غنية، بس طلعتي مقشفة، انبسطي انتِ أكتر ضحية يدوب طلعنا منها بكام مليم..

_آه.. صرخة خرجت من جوف سارة بعدما تلقت صفعة من يد فاطمة..
و لم تمهلها فاطمة الوقت لترد، بل أمسكت بكتفيها تقول بغضب:
_يعني ده كله طلع نصب، وانتو شوية حرامية.. ولطمتها على وجهها مرة أخرى، أمام أعين الناظرين.

_إيه المهذلة اللي بتحصل هنا؟..
صدر هذا الصوت من إسلام..
وتابع قائلاً:
_على مكتبي انتو الاتنين يلا..

وقفت فاطمة وسارة أمام مكتب” إسلام ”

الذي هتف قائلاً:
_يلا سامعكم إيه اللي حصل..
ران الصمت ولم تتحدث أحدهم بشيء، فعاد يقول بحدة:
_فاطمة ازاي تمدي ايدك على زميلتك.

ردت فاطمة بامتعاض:
_لأنك متعرفش هي عملت فيا إيه، وانا عملت في نفسي إيه من وراها.

خشت سارة ان تخبره فاطمة شيء فقالت بلا تردد:
_انا اللي غلطت في حق فاطمة يا دكتور، وقلت عنها كلام غلط، وانا استاهل اللي هي عملته، عشان كده انا بعتذر منها قدام حضرتك.. انا أسفة يا فاطمة.

هزت فاطمة رأسها بعدم تصديق منها، و جاءها صوت إسلام :
_اللي حصل ده لو اتكرر هخدكم على مكتب العميد..
ونظر لفاطمة يقول:
_اعتذري من زميلتك يا فاطمة يلا.

همت فاطمة بالرد، فقالت سارة بعجل:
_أنا مسامحة حضرتك، ومش زعلانة من فاطمة هي زي أختي و ممكن نخرج دلوقتي.

تمتم إسلام بخفوت:
_تمام اطلعوا.

نظرت فاطمة بينهم، وخرجت على الفور،تحت نظرات إسلام المتعجبة من أمرها.

وقفت سارة أمام مكتب إسلام وهي تغلق بابه و اضافت بغل:
_ورحمة أمي ما هسيبك يا فاطمة..

وضغطت عدة مرات على شاشة هاتفها، لتضعه على أُذنها منتظرة الرد من شخصاً معا، وابتعدت عن غرفة إسلام وهي تستمع لصوت الجهة الأخرى يقول بنزق:
_مساء الخير يا معلمة إيه في ضحية جديدة معاكي.

ردت سارة بحدة تقول:
_جاد أنت إيه اللي بينك وبين فاطمة بالظبط.

استمعت لصوت ضحكاته وهو يغمغم:
_خليتها تبعت كام صورة حلوين، قولتلها أنه كده هيعجب بيها فأسرع وقت بس الحقيقة إني أنا اللي دايب فيها.. هي كلمتك ولا إيه؟!.

اردفت سارة بحقد:
_خليك وراها لحد ما تجيب مناخيرها الأرض.

رد جاد بتهكم:
_شكلك شايلة ومعبية، عامةً شيلي ايدك من موضوع فاطمة و انا و هي نتصافى.

أغلقت سارة المكالمة بوجهه وقد تكاظم الغيظ بصدرها…

**لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم**

دقت صباح على باب السيدة نوال، فتحت نوال الباب وهتفت بحفوت:
_اتفضلي يا صباح خير ان شاء الله..

دلفت صباح للداخل قائلة بقلق:
_الواد عز من صباح ربنا مفيش فالورشة وتليفونه مغلق..

هتفت نوال أيضاً بنبرة تجلي بها القلق:
_داخلين على المغرب والبنات ولا واحدة فيهم بترد انا كمان هموت من قلقي عليهم.

دعت صباح ربها:
_ خير، اللهم اجعله خير يارب..

طرقات على الباب قاطعت حديثهم، فوثبت نوال واقفة واتجهت إلى الباب وفتحته لترى ملاذ أمامها، ابتسمت براحة، سرعان ما اختفت وهي تنظر حولها ولم تجد أبرار و تسائلت قائلة:
_فين اختك يا ملاذ؟!.

ردت ملاذ بتوتر:
_هي، هي بصراحة..

_فين اختك يا بنتي ما تنطقي..قالتها نوال بغضب.
و جائت صباح على صوتهم العال.. وتمتمت:
_خير يا جماعة في إيه بس؟.

اجابت ملاذ بكذب:
_الحقيقة ان أبرار هتبات عند وداد النهاردة وخافت تقولك.

تنفست نوال الصعداء، واطمئن قلبها.. ربتت صباح على كتفها قائلة:
_الحمدلله ياحبيبتي ربنا طمنك على بناتك وعقبال ابني انا كمان..

هتفت ملاذ بلهفة دون ان تعي:
_هو عز كمان اتخطف.

_اتخطف!..

جاء صوت شاب من خلفهم يقول:
_ايوة ياست صباح عز شكله اتخطف..

نظروا إلى الخلف، لتقول صباح بقلق:
_طمني يا دبور اتخطف ازاي يعني يا ابني.

اردفت نوال بعجل:
_خلينا ندخل طيب..

دلفوا جميعهم للداخل وجلسوا بجانب بعضهم، تحدث دبور قائلاً:
_عز عطاني أمانه وقالي لو يوم اختفيت ابقا اتخطفت، او  .
اردفت صباح بنحيب وهي تضرب كفها على صدرها:
_يلهوي، فهمني يا بني في إيه؟

أخرج دبور فلاشة من جيبه قائلاً:
_كله بسبب دي..

اخذتها منه ملاذ تقول بدهشة:
_و هي دي عليها إيه؟.

_جر…يمة  ..ألقاها دبور على مسامعهم، فشهقوا مشدوهين.

تحدثت صباح بلهفة:
_ اخلص يافرغلي وقول الحكاية

رد “دبور” فرغلي بتذمر:
_يا معلمة مش بحب اسمي، قوليلي دبور..

تمتمت ملاذ بحنق:
_فرقت يعني اخلص احكي عز قالك إيه بالظبط..

قص دبور على مسامعهم ما قاله عز..
فقالت ملاذ:
_يعني الجريمة دي حصلت في ملجأ..

هز “فرغلي” رأسه بنعم.

صاحت صباح بغصة باكية:
_يعني  ابني.

قالت ملاذ بخفوت :
_انا كده فهمت كل حاجة..
توجهت الأنظار إليها، وغمغمت نوال في ريب:
_فهمتي ايه يا بنتي؟.

_اسمعي يا أمي مفيش داعي اخبي،لأن أبرار كمان اتخطفت وقدام عيني، بس اوعك تقلقي انا قدمت محضر

انقبض قلب نوال وقالت بتوجس:
_ مقلقش ازاي ما انا بنتي كمان ممكن هتروح فيها..

تعالى صوت رنين هاتف ملاذ فاستقبلت المكالمة بلهفة:
_عصام أنا عرفت ليه خطفوا أبرار احنا لازم نبلغ.

تدخل دبور بلهفة:
_لا عز قالي ان شاكك فالظابط يكون معاهم.

اومأت له ملاذ، واستقامت واقفة وهي تتحدث مع عصام بالهاتف.. وقصت عليه ما علمت به.. فقال هو:
_مش عاوزك تقلقي عندي شاب من التيم والده لواء، ابعتي الفلاشة مع الشاب اللي عندك على عنواني وانتظري مني رد.

_تمام يا عصام متشكرة.

و أنهت المكالمة..

عادت ملاذ إليهم تقول:
_اطمنوا الموضوع كله هيتحل بإذن الله.

سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

جثم الليل على الأرض..
واقفين بطريق خالي من المارة على جانبيه أشجار فقط.

قبض عز على يدها بعنف محتداً:
_أبرار هاتي ايدك اخلصي خلينا نمشي من المكان اللي سابونا فيه ده، يلا..

اردفت أبرار بأعين تتقد غضباً:
_مش هتحرك من هنا غير لما أعرف إيه اللي قولته، هتبيع ضميرك ياعز..

_احسن ما بيعك واسلمهم روحي

_يا أخي كنت عملتها وخلصت.. هدرت بها أبرار..

فزفر بحنق وتابع بتريث:
_كل ده مش فاهمة حاجة يا غبية، أنا عملت كده عشان نخرج،و الفلاشة اللي كانت معايا فاضية، بس اللي عليها الجريمة مع دبور وزمانه اتصرف، كان لازم اضيعه واقوله كده، وخليته يشوف محادثة بيني وبين دبور فهمتي.

والتقط أنفاسه واستطرد:
_الظابط لما شاف الفيديو مكنش على بعضه، أنا كمان شكيت فيه زيك، ونسخت الفيديو على فلاشة تانية قبل ما نروح المركز تحسباً لأي حاجة.

أشاحت أبرار وجهها للجهة الأخرى،و أردفت بعناد:
_تمام،فهمت.

أردف عز بمرح:
_يا كسوفك يا حازم بداري وشك مني يابت.

انزوى ما بين حاجبيها وردت باقتضاب:
كنت بدور كلامك في مخي ولقيته معقول.
وتابعت بتسائل:
_قولي صحيح أنت ازاي اتخطفت؟

رد عز في مرح:
_مفيش ياستي سبت شغلي وكنت رايح اجيب قطع غيار، ولاد الهبلة قطعوا عليا الطريق وغفلوني، و رموني فالعربية زي الكورة.

ابتسمت أبرار على حديثه المرح، وقالت بجدية:
_طيب هنرجع ازاي بقا؟!

رد عز عليها:
_مش عارف،بس أكيد أي عربية هتمر دلوقتي..

لحظات من الوقت مرت عليهم وهم يسيرون بجانب بعضهم البعض، فاستمعوا لصوت سيارة،وقفت بجانبهم وصدر منها صوتاً مخيف..

بوجهاً مقتضب تسائل عز:
_تعرفي تجري؟

_إيه؟!.

_مفيش وقت.. وقبض عز على يدها، وهم بالركض..
فاستمعوا لصوت رجل من الأربع رجال الذين ترجلوا من السيارة:
_اقف عندك وإلا هضرب عليك..

استدار عز ناظراً إليهم، و باعد أبرار لتقف خلف ظهره..
اتجه إليه شخصاً، وجذبه من تلابيت قميصه ولكمه بقوة فوق وجهه قائلاً:
_بهجت بيه بيسلم عليك..

صرخت أبرار بأسمه وهي ترتجف رعباً، واقتربت من الرجل تلكمه بقبضتها الضعيفه، فقبض الآخر على يدها ودفعها بعنف فصطدم، رأسها أرضاً وسكنت حركتها.. بوجهاً تغضن بالغضب، اقترب عز منه وسدد له لكمة، فالتف الأربع رجال حوله وأخذوا بضربه.

༺༺༺༻༻༻

بعدما تركهم بهجت عاد لمنزله على الفور.. كان يجلس بالصالون، واضع ساق على الأخرى مسترخي بجلسته..و دلف نادر فأصدر صفيراً من فمه وقال:
_بهجت بيه قاعد ورايق، ده يا مساء الروقان..

هتف بهجت مبتسماً:
_تقدر تقول موضوعك كله خلص، مش فاضل غير محفوظ اللي جهزتله مفاجأة..

هتف نادر بتعجب:
_لأ فهمني يا كبير.

اردف بهجت بغموض:
_بكرة نعرف كلنا؟.

*******

بعد غياب أكثر من ساعتين
كانوا جالسين بانتظار اي خبر على أحر من الجمر..
تعالى صوت رنين هاتف ملاذ باتصال من عصام،فردت بلهفة :
_عصام فيه اي خبر؟.

اردف عصام بتوتر:
_أول ما بلغته بالوضع قام بتحرياتة و.. ران الصمت لثوانِ.

فقالت ملاذ بقلق مبهم:
_عصام انا أعصابي سابت، احكي كل اللي حصل..

خطفت صباح الهاتف من يدها وتحدثت قائلة:
_قولي يا بني في إيه.

هتف عصام بعجل:
_كويس ان حضرتك اخدتي التليفون من ملاذ خفت لما تسمع الخبر يحصلها حاجة..

_ما تحكي يابني ده انت شيبت شعري،قالتها صباح بحنق وقلق على والدها.

فأردف عصام:
_أبرار وشخص معاها في طريقهم للمستشفى لأنهم مصابين…

وهل يدوم الحب؟!. ام قدرهم الفراق..
ويعيش الآخر المتبقي من عمره في تعاسةً تحت مسمى باسم الحب .

الفصل الثامن عشر
رواية باسم الحب
بقلمي هدير ممدوح

بزغ الصباح، وتوسطت الشمس عِنان السماء، وخيوط دفئها تحي أمالاً جديدة بالقلوب.

ضجت المواقع الموثوقة والصحف بهذا الخبر تحت عنوان “مدير ملجأ للفتيات يتحرش بهن”
يرافقه مقطع قصير تبين فيه وجه محفوظ، وفتاة صغيرة لم تظهر بكامل وجهها..
وهاجت جميع تطبيقات التواصل الإجتماعي بهذا الخبر، و أخذ الجميع بتدوال المقطع وسبه.

“في منزل محفوظ”

هدر هو بحدة:
_كنت فين ياولد؟!

تحدث عمرو الذي دخل من باب المنزل تواً:
_مع أبرار..

تسائل محفوظ في ريب:
_وكنت بتعمل إيه مع أبرار؟.

تجاهله عمرو وتقدم للأمام جالساً،وقال بخفوت :
_فالمستشفى يابابا، المستشفى.

انتفض قلب محفوظ فزعاً، وهدر بغضب:
_قولتلك تنساها قولتلك البنت اتخطبت، إيه أغنيها.

صاح عمرو بوجه أبيه:
_من يوم ما قولتلي إنك شوفتها عندك فالملجأ مع خطيبها، وانا مش بنام الليل، وبقيت اراقبهم لحد امبارح بليل، كنت ماشي ورا خطيبها، اللي اتخطف قدام عيني، وبنت اخوك طلعت مخطوفة معاه.

غمغم محفوظ بهمس:
_اتخطفوا!..
وبداخله يعلم جيداً من وراء الأمر.

استأنف عمرو حديثه:
_فضلت واقف لحد ما نزلوهم وبعدين وقفوا بيهم في مكان وانا وراهم، والواد اللي معاها اخد علقة موت وهي خدت نصيبها، وانا بنفسي اللي خدتهم على المستشفى، مع إني كان نفسي اسيبه مكانه بس مقدرتش.

تسائل محفوظ في وجل:
_وهما حالتهم إيه كويسين.

هز عمرو رأسه بنعم ولم ينبس ببنت شفة.

ثوانِ معدودة، واقتحمت الشرطة المنزل بعد ان فتحت لهم الخادمة هبطت سميرة للأسفل بعد سماع الضجة..

تحدث الضابط قائلا وهو يقف بوجه محفوظ،وخلفه كان عمرو وسميرة
_ محفوظ عبد العال مطلوب القبض عليك.

تغضن وجه محفوظ برعب، وصاح عمرو هائجاً:
_مطلوب القبض عليه ليه هو عمل ايه؟!

هتف الظابط بحدة:
_من غير شوشرة، يلا هاتوه.

_الحق ابوك ياعمرو قالتها.. سميرة بصراخ.

وقف عمرو أمام والده وقال بفظاظة:
_انت بتقول إيه محدش هيقرب، هي وكالة من غير بواب، مش لما نعرف إيه التهمة الأول.

تحدث محفوظ قائلاً بتوجس:
_صدقني أنا ماليش دعوة بموضوع الخطف، اكيد بهجت هو اللي عمل كده.

نظر عمرو لوالده بريب، وهم بالحديث فقاطعه الظابط محتداً:
_وكمان في بهجت..
و أشار للذين معه مستطرداً:
_يلا واقفين ليه.

تم سحب محفوظ أمام عمرو، وصرخت سميرة بهم قائلة:
_ خليك مع ابوك يا عمرو.

رد الظابط قبل ان يمر من أمامهم:
_لو عندكم اي كلام الحقونا ومعاكم المحامي.

ألقى جملته تلك وغادروا ومعهم محفوظ.

🌺صلى على محمد🌺

هتفت فاطمة بقلق تجلى في نبرتها:
_يا ماما برضه بتقولي مجيش، طاب ليه بس أنا عاوزة أطمن على عز والبنت..

صاحت صباح بحنق:
_يابنتي ما انا قولتلك اخوكي كويس شوية كدمات وكسر في دراعه، وأبرار كويسة خبطة صغيرة بس في دماغها ومش هنبات النهاردة على المغرب هنرجع.

اردفت فاطمة بإصرار:
_لا هاجي..

ردت صباح بحدة:
_انا ماليش خلق للمناهدة دلوقتي، قولتلك روحي على كليتك و اختك نداء هتيجي على البيت تحضر الأكل لاخوكي.

تأففت فاطمة بضيق:
_ماشي يا ماما أهو رايحة..

وتبدلت نبرتها بعطف واستطردت:
_بس كان نفسي اشوفكم واحضنكم أوي.. المهم قولي لـ عز إنه هيوحشني لحد ماشوفه ولطنط نوال ألف سلامة على أبرار، وسامحيني يا ماما لو زعلتك في يوم ماشي.

انقبض قلب صباح بشدة بعد الاستماع لكلماتها،فاردفت محتدة:
_ في إيه يابنتي، اخوكِ طلع بخير مش عاوزة وجع قلب، اقفلي يلا..

وانهت صباح المحادثة..
ربتت نوال على كتفها فكانت جالسة هي بجانبها:
_مالك بس انفعلتي ليه على البنت تلاقيها خايفة على أخوها.

اردفت صباح بتوجس:
_قلبي مقبوض حاسة ان في حاجة هتحصل!..

_ولا أي حاجة تلاقيكي من الخضة على الولاد بس اهو الحمدلله ربنا طمنا عليهم.

غمغمت صباح بخفوت رداً عليها:
_الحمدلله ياحبيبتي.

تقدم عصام منهم ووقفت امامهم وتحدث باحترام:
_عن اذنك يا أمي هاخد ملاذ على الكافتريا اللي جمب المستشفى محتاجها دقيقتين.

ردت نوال قائلة:
_بعد وقفتك معانا وسهرك طول الليل جمبنا مش هقدر اقولك لا، خدها يابني بس خد بالك منها.

في عيوني يا أمي.. قالها عصام بتأدب.

وبدل نظره لـ ملاذ الجالسة بالقرب منهم على مقعد اخر، وما ان استمعت لحديثهم استقامت واقفة..

“لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم”

جالسا عصام وملاذ بالمقابل لبعضهم، تحدث عصام قائلاً بهدوء:
_طلبتلك عصير مانجا.

هزت ملاذ رأسها بتوتر، فقال هو:
_ملاذ بصراحه كده أنا عاوز أعرف حكايتك، انتي طلعتي متجوزة.

مسدت ملاذ على جنينها بحنين و اجابت:
_الكلام ده يمكن عمره ما قولته قبل كده، بس عارف شعور ان في حتة منك بتكبر جواك بالدنيا صدقني، كنت بتمنى دايمًا الحمل ده ينزل، بس جوايا حاجة متمسكة بيه..

نظر عصام لها بدهشة.

فاستطردت هي:
_مش عاوزاك تكون مستغرب، هقولك كل حاجة، وسردت عليه قصتها مع خالد.

فاردف عصام بذهول:
_معقول، ده راجل خسيس وندل.

ردت ملاذ بهدوء تجلى في نبرتها:
_ابني كل حاجة حلوة في حياتي يا عصام هو اللي هينور طريقي، ذنبه إيه يجي على الدنيا يلاقي نفسه مرفوض وعيلته اتخلت عنه..

وصمتت لثانية تلتقط انفاسها، واستطردت:
انا بديت كلامي معاك بيه، عشان لو في حاجة في قلبك ليا تصرف نظر، انا مش مستعدة اتخلى عن ابني.

تحدث عصام بجدية:
_وانا مش هتخلى عن ابننا.

_ابننا!.. قالتها ملاذ بدهشة

فتابع عصام حديثه:
_ايوة ابننا من اللحظة دي، ملاذ انا بحبك، ما تقوليش ازاي ياستي، سبحان من صب حباً لكِ في قلبي، هنعترض.

ران الصمت لثوانِ عليهم، فاردف عصام بلهفة:
_انا هكلم أهلي و نتجوز بعد ولدتك، ارجوكِ وافقي ناخد الخطوة دي في حياتنا.

هتفت ملاذ بتوتر:
_كل حاجة جات فجأة، مش عارفة اقول ايه.

_عاوز رأيك عاوز اسمع منك إنك موافقة وسيبي الباقي عليا هقنع أهلي واجي اتقدم رسمي.

تورد خداها خجلاً من حديثه، ونكست رأسها أرضاً وتمتمت في همس:
_تمام اللي اتشوفه.

هتف عصام بحماس كأنه فاز بإحدى الجوائز:
_ايوة هو ده الكلام.

نظرت ملاذ حولها بخجل، وقالت بخفوت:
_خلينا نروح نشوف أبرار وعز.

رد عصام بلهفة:
_انا هوصلك للمستشفى، وهرجع البيت أبلغ أهلي على طول .

“لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم”

في غرفة عز بالمستشفى كان مستلقي على الفراش بوهن، ملامحه اختفت من أثار اللكمات التي تلقاها ، ويده تعلوها الجبيرة، جلست أبرار أمامه ودمع الندم يتساقط على وجنتيها..

صاحت بغصة باكية:
_أنا اسفه يا عز، أنا السبب فاللي انت فيه ده.

رد عز بمرحه الدائم :
_ياه ده انا نسيتك وقلت البنت راسها اتكسرت، بس طلعت ناشفة أوي .

ردت أبرار بحنق:
_حتى فاللي انت فيه ده و وشك مش باين له ملامح فيك حيل لهزارك البايخ ده.

ابتسم عز بخفوت وقال بوهن:
_ فداكِ عز و ألف عز يا ست البنات كلهم.

انبلجت بسمة على شفتاها انارت دربه، وخطفت لُبه.
واستطرد قائلاً:
_ماتيجي نخطفلنا من الدنيا يومين قبل ما تخطفنا.

لم تفهم قوله فنظرت إليه بتعجب، فصاح بلهفة تتجوزيني..

تعالى صوت زغريط مع انفتاح الباب عليهن، واردفت صباح قائلة وهي تدخل وخلفها نوال:
_يا ألف نهار ابيض، ده انتو كنتو محتاجين العلقة دي من زمان بقا..

هتف عز:
_ايه يا صبوحة كنتي واقفة ورا الباب،مش هتبطلي الصفة اللي فيكي دي

_بس يا واد قالتها صباح بمرح..
وابدلت نظرها لـنوال قائلة:
_ إيه رأيك يا ست نوال، عاوزين نجوز العيال دي.

اجابتها نوال بجدية:
انا عن نفسي موافقة ومش هلاقي أحسن من عز لـ بنتي، بس الرأي رأي أبرار برضه.

هتفت صباح مازحة:
_ما تردي يا بت بدل ما كمل وافتحلك دماغك.

ردت أبرار بخجل:
_ماشي.

هتف عز وهو ينظر لها بتمعن:
_ماشية رايحة فين.

رمقتع أبرار شذراً

فقالت صباح بتحذير:
_بس ياواد متكسفش البنت بدل ما كمل عليك.

_أمرك ياكبيرة، واستطرد عز بجدية:
_اومال صحيح عملته إيه مع بهجت.

اجابت نوال هذه المرة:
_الشاب اللي اسمه عصام بعت فلاشة للواء معرفة و زمانهم قبضوا عليه هو وابنه ومحفوظ معاهم.

قالت نوال:
_عمرو ابن عمك هو اللي جابكم هنا.

رد عز عليها:
_طلع اجدع من ابوه..

غمغمت أبرار بخفوت:
_ربنا ينتقم من الباقي بقا.

༺༺༺༻༻༻

في منزل بهجت هتف وهو يحاول إبعاد الظابط عن ابنه:
_إلا ابني، ده ابني الوحيد هروح معاكم انا، بس هو لأ.

رد الظابط بتهكم:
_لا ما انت كمان هتشرف معانا.

صاحت والدته بنحيب:
_انتو واخدين ابني فين؟.

قال الظابط بنزق:
_هنربيه، لأنه واضح إنك كنتي مشغولة.

هتف نادر بفظاظة:
_هتغلط هندمك على الساعة اللي اتولدت فيها.

قهقه الظابط،وقال بسخرية:
_واللهِ ما حد هيدلع غيرك يا بيضة يا حلوة..
وتعالى صوته وصاح بجدية:
_هاتوهم.

“سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ”

في الدور الأول من مبنى الكلية كانت فاطمة واقفة تتجادل مع سارة ومروان، هتفت محتدة:
_لا اسمعوا بقا مش انا اللي اتهدد بصور، انا كمان هوديكم في داهية.

ـ واللهِ و الامورة هتودينا في داهية ازاي بقا.. قالتها سارة بستهزاء.

فضحك مروان بصخب واردف وهو يدفعها:
_روحي يا شاطرة بقا العبي بعيد.

اردفت فاطمة بسخرية:
_ما هي الشاطرة دي يا حلو هتحبسكم، يقطعني نسيت اقولكم، اني بلغت عن الشيخ جاد المحترم بتاع السحر والشعوذة، وتلاقيه مسكوه بالجرم المشهود، أصله فيه حالة عنده دلوقتي.

قبضت سارة على يدها بغضب:
_عارفة لو جبتي سيرتنا فالموضوع لسانك هقطعهولك.

دفعها مروان ليصطدم ظهرها بالسور واردفت وهي تحاول التخلص من قبضة سارة، واجابت بثبات:
_مش تسمعوا الباقي الأول.

نظرا مروان وسارة لبعضهم بخوف من ان ينكشف أمرهم.

جلست فاطمة على سور المبنى، وقالت وهي تهز قدمها لأغاظتهم:
_اصل انا رايحة أشهد وهقول انكم معاه..

وفي حين غفلة حدث ما لم يكن بالحسبان، اندفع مروان قابضاً على عنقها:
_ده اما  واشرب من دمك.

دفعتها سارة بخفة تقول:
_اوعدك لو عملتي ده هيكون اخر يوم في حياتك.. حاولت فاطمة التخلص من قبضته التي كادت ان تخنقها، وصاحت سارة بتوجس:
_مروان خف ايدك البنت هتموت..

وفي محاولة سارة ان تبعد يد مروان وتخلص فاطمة من قبضته على عنقها، لم تسطع التوازن وقد دفعها مروان وهو يتركها متناسياً، انها جالسة على السور..

حملق بها وهو يرى جسدها يطيح ارضًا من الطابق الأول، نظرت سارة للأسفل وهي تسمع صراخ الفتيات و التفافهم حولها، وصاحت أحدهم وهي تنظر للأعلى:
_مروان وسارة هما اللي عملوا كده.

توجهت الأنظار عليهم، وصاحت أخرى:
_ايوة انا شوفتهم.

نظرا سارة ومروان لبعضهم، فقالوا جملةً واحدة:
_مكنش قصدي.

وتابعت سارة بنحيب كنت ببعدك بس مش عارفة ازاي زقيتها..

اردف مروان بصدمة:
_وانا مكنش قصدي، انا كنت بخوفها بس.

بالأسفل التف حميع الطلبة حول جسد فاطمة الملقي أرضاً، انحنى شاب يتفحص نبضها وهتف عالياً:
_النبض ضعيف خالص، البنت بتموت.

كل شيء ينتهي في غمضة عين، الأحلام الأماني، والأرواح ايضاً.. ويصبح كلاهما ماضي و أولهم انت “الإنسان”

🌺لا إله إلا الله 🌺

هتفت والدة عصام :
_يابني ده انت طلعتنا لسابع سما و نزلتنا الأرض تاني.

قال عصام بضيق:
_ليه بس يا أمي، ما تقول حاجه يا بابا.

رد والده باقتضاب:
_ما كلام ايه ده يابني، هتتجوز وحدة متجوزة وحامل كلام إيه ده بس.

رد عصام بجدية:
_تولد بالسلامة واللي أسمه خالد ده هيطلقها رسمي، وبعدين نتجوز.

صاحت والدته بغضب:
_ده كلام يفور الدم، طلاق وولادة إيه، دي مسئولية انت مش قدها.

_لا قدها ونص انا بحب ملاذ ومش هتجوز غيرها.. قالها عصام.

فهتفت والدته بتريث:
_اسمعني بس يا بني، دي أول فرحة ليك وانت الواد الوحيد اللي حيلتي، اوعك تكسر فرحتنا يابني.

ردد عصام بامتعاض:
_لا إله الا الله، واكسر فرحتكم ليه بس، ما أنا هتجوز اهو زي ما انتو عاوزين.

هتف والده بحنق:
_طيب و رشا بنت عمك محمد اللي عمرها ضاع قصادك.

تابعت والدته:
_ايوة مش دي اللي بنت معاك حلمك، البنت حياتها واقفة عشانك، ودي كمان هتخذلها.

انتفض عصام من على كرسيه وقال ممتعضاً:
_رشا إيه، وبتاع ايه، انا وعدتها بالجواز ولا قولتلها استنيني.

هتفت والدته محتدة:
_عصام، خلص الكلام شيل البنت دي من دماغك

حسم عصام أمره:
_اسمعوا بقا،انا مش هتجوز غير ملاذ، ولو رفضتم يبقا خليني قاعد جمبكم كده من غير جواز.

“في المستشفى ”

قالت صباح بضيق:
_قلبي مقبوض ومش مرتاحة عشان كده قولتلك تعالى نجيب فاكهة للعيال.

ردت نوال حائرة من أمرها:
_طالما العيال كلهم كويسين قلبك مقبوض ليه بس.

_مش عارفة ومش مرتاحة، ربنا يعدي اليوم دع على خير..

وهموا بالخروج من المستشفى، فتوقفت أمامهم سيارة اسعاف، وصرخ المسعف بوجههم وسعوا الطريق حالة طوارئ، تنحوا هم جانباً..

وثواني معدودة و جحظت عين صباح محملقة بجسد تلك المحملة على الترولي يدلفون بها بعجل، نظرت نوال بدهشة على صباح التي غمغمت بخفوت:
_فاطمة..
وصرخت هائجة وهي تركض خلفهم:
_ بنتي، بنتي مالها يا ناس..

ووقفت ادراجها وهي تشعر بدوار حاد وغيمة سوداء ابتلعتها فسقطت مغشي عليها، تحت صراخ نوال بأسمها.

الفصل التاسع عشر
بقلمي: هدير ممدوح

بعد مرور شهران ..
كانت جالسة صباح بجوار نوال في منزلها وعز والفتيات معهم اجتمعوا جميعاً ..

تحدثت صباح بأعين تتلألأ بالدمع:
_شهرين وبنتي نور عيني في غيبوبة.. ربتت نوال على كتفها بشفقة على حالها..
فاستطردت صباح بغصة باكية:
وحشتني أوي واللهِ.

اردفت ملاذ بتريث :
_ان شاء الله هتفوق وتبقا كويسة، ادعيلها انتِ بس.

استأتفت صباح بنحيب:
_كانت عاوزة تيجي، كان قلبها حاسس باللي هيحصلها، وانا اللي منعتها.

هتف عز بضيق:
_كفاية عياط يما، ان كان ليها عمر هتفوق.

هتفت صباح ومازالت الدموع تهبط كالشلالات،
_اوعك تكون زعلان منها ياعز، انا عارفة اللي عملته غلط، مشيت ورا اصحاب السوء، بس اختك صغيرة ومتعرفش حاجة.

صاحت أبرار:
_وهما اتحبسوا و خدوا جزاهم..

واشارت لـ عز ليقول شيئاً فهتف عز بامتعاض:
_وهي كمان اهو بتاخد..

قاطعته صباح محتدة:
_ولا كلمة يا عز سبني يا بني في مصيبتي، عارفة انها غلطت والكلام اللي سمعناه كان كبير، حبت واحد وراحت لتاني يعمله سحر، طلعوا بيضحكوا عليها، كلام صعب أنا عارفة بس ادعيلها يابني كلنا بنغلط، و اختك صغيرة عملت كده عن جهل.

هتف عز بتريث:
_عتبي عليها من حبي وخوفي ليها يا أمي، فاطمة دي بنتي واختي و صحبتي، وعمري ما ازعل منها.

قالت نوال بخفوت:
_ربنا يقومها بالسلامة يارب.

ازاحت صباح دمعها و اردفت قائلة:
_بليل هيجيلكم أهل عصام عشان ملاذ، قلنا نلحقهم احنا ونتفق معاكم على موضوع عز وأبرار، بس نكدت عليكم ياحبيبتي سامحيني.

ربتت نوال على فخذها قائلة بخفوت:
_احنا أهل ياحبيبتي، متقوليش كده تاني.

تحدثت صباح بجدية:
_بصي ياحبيبتي الواد شقته جاهزة فاضل الوش الأخير وهي فالشارع التاني مش بعيدة زي ما شفتوا، وبخصوص الفرش هاتوا اللي تقدروا عليه، مش لازم نجيب حاجات مالهاش لازمة.

اردفت نوال تقول:
_هجيبلها زي ما البنات بتاخد، الناس تقول علينا إيه..

قالت صباح بحنق:
_وهي الناس هتعيش معاهم، مالنا ومالهم ما كل واحد يجيب على قده، يعني لازم خمسين طقم سرير عشان نرضي الناس..

ربتت صباح عليها وتمتمت:
_ ربنا يكملك بعقلك ياحبيبتي.

اردفت أبرار تقول:
_احنا هنجهز كل حاجة حالياً، بس الفرح و أي احتفالات هنستنى فاطمة لما تفوق.

رد عز مؤيداً لحديثها:
_و انا مع كلام أبرار هنستنى فاطمة.

غمغمت نوال بهدوء:
_اللي اتشوفه يابني، احنا معاكم فيه.

في منزل محفوظ..

كانت تفوح منه رائحة الحزن والاكتئاب، جالسة سميرة بالصالون، تضع يدها على رأسها تمسد عليها، وصاحت قائلة:
_ابتسام، يا ابتسام.
جاءت المدعوة ابتسام ركضاً إليها، ووقفت أمامها تقول:
_ايوة يا ست سميرة.

اردفت سميرة بهدوء:
_اعمليلي فنجان قهوة راسي مصدعة.

غمغمت ابتسام قبل ان تمر من أمامها:
_حاضر ياهانم

أبصرت سميرة ابنها عمرو وهو يهبط من أعلى درجات السلم وبيده حقيبة سفر، استقامت تقترب منه وهي تقول:
_إيه يا عمرو رايح فين؟.

رد عمرو بضيق:
_أرض الله واسعة، المهم اني أمشي من البيت ده والبلد دي كلها.

تلألأ الدمع بأعين سميرة وهي تسأله:
_ليه بس يابني؟..

جأر عمرو بوجهها يقول:
_يعني انتي مش عارفة ليه، أنا خلاص مبقتش قادر أبص في عين حد من زمايلي، بتخنق بموت، بحس الناس خايفة تقرب مني، وده طبيعي؛ لأنه أنا ابن راجل متحرش.

بكت سميرة بنحيب، وغمغمت تقول:
_اسمعني بس يابني، انا ماليش غيرك اتونس بيك وبصوتك.

هتف عمرو بهدوء:
_انا مبقاش ليا حد اقعد علشانه، و الإنسانة الوحيدة اللي حبيتها ضاعت مني بسببكم، هقعد لمين، و عشان إيه!؟.

أمسكت سميرة بيده و اردفت بوهن:
_اقعد عشان خاطر امك يابني، ولو عاوزني أروح لحد أبرار أبوس ايدها حتى وترجعوا لبعض هعمل كده بس بلاش تسيبني.

قبل عمرو جبينها برفق، وقال بتريث:
_خلاص يا أمي فات الأوان أبرار اتخطبت وشافت حياتها، أنا هسافر شهر في شغل ولو ظبطت حياتي هناك هخدك ونعيش سوى مش هسيبك برضه.

اردفت سميرة بغصة باكية:
_ده انت عمرك ما سافرت وسبتني يهون عليك يابني.

قال عمرو بضيق:
_يا أمي انا مش مهاجر، هقعد هناك فترة وهرجع اخدك وعد مني مش هسيبك.

هزت سميرة رأسها، و أزاحت دمعها، قائلة:
_ماشي يابني روح، ربنا معاك.

مال عمرو مقبلاً جبينها مرة أخرى، وقال:
_اشوف وشك بخير، هكلمك أول ما وصل.

هزت سميرة رأسها، وغادر عمرو من أمامها.

🌹صلي على محمد🌹

في المساء..
جلس عصام مع والديه ونوال وأبرار ومصطفى معهم..
حمحم عصام بخفوت، واردف:
_وانتِ عاملة إيه يا أبرار، أخت خطيبك لسة فغيبوبة برضه.
.
ردت أبرار بإبتسامة بسيطة زينت ثغرها:
_ أنا بخير الحمدالله، وفاطمة لسة في غيبوبة، ربنا يعافيها يارب.

غمغم “خلف” والد عصام بهدوء:
_ربنا يشفيها يابنتي ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين جميعاً.

تحدثت نوال إلى والدته التي ظهر على ملامحها الضيق:
_نورتي يا ام عصام.

تمتمت والدته بضيق:
_بنورك ياحبيبتي.

عاتب عصام والدته بنظراته، وقال ليخفف من هذا الجو المشحون بالتوتر:
_إيه يا مصطفى اخبارك إيه فالمدرسة
.
ردت مصطفى بتأدب:
_بخير الحمدلله، انا دايماً بطلع الاول.

مازحه والد عصام ببشاشة:
‘أنت بقا الراجل الوحيد هنا.

رد مصطفى:
_ايوة أنا راجل البيت هنا.
ابتسموا على حديثه، ليعم التوتر مرة أخرى.

عندما قالت مديحة والدة عصام :
_هي العروسة مش هتيجي نشوفها ولا إيه؟.

اجابت نوال بضيق تجلى في نبرتها:
_أهي جاية.

غمغمت ملاذ بخفوت وهي تتقدم منهن حاملة المشروبات بيدها:
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رد جميعهم السلام، لتهمس والدة عصام بأذن زوجها:.
_يعني دي اخرتها جايين نخطب واحدة حامل وبطنها شبريين قدامها.

وكزها زوجها بضيق، لتتقدم ملاذ بخجل، وهي تناولهم اكواب العصير، من ثم جلست بجانب والدتها.

حمحم والد عصام قبل ان يقول برسمية:
_طيب هندخل فالموضوع على طول، احنا النهاردة جايين نقرا فاتحة بنتكم، على ابننا عصام، بعد موافقة الطرفين، إيه رايك يا ست الكل؟.

ردت نوال بجدية:
_ده شيئ يشرفني، وخصوصاً بعد واقفة عصام معانا.
.
هتف عصام بعجل:
_على بركة الله نقرا الفاتحه.
ابتسمت ملاذ بخجل على حديثه..

وهموا برفع يدها، لتقول والدة عصام بنزق:
_وانتِ فالشهر الكام ياحبيبتي.

ازدردت ملاذ لعابها قبل ان تجيب:
_فالسادس.
_ولد ولا بنت، صاحت بها مديحة.

لترد ملاذ بخجل:
_بنت؟.

تسائلت والدته بمكر:
_وياترى بعد الجواز هتعيش مع أهلك، ولا عند ابني.

هتف عصام بعجل:
_البنت هتعيش معانا يا أمي، انا وملاذ رتبنا كل حاجة مع بعض.

لوت مديحة فمها بغيظ..

ليقول والده:
_يلا يا جماعة نقرا الفاتحة.

غمغمت نوال بخفوت:
_على بركة الله..

بعد مرور نصف ساعة قضاها عصام مع عائلة ملاذ، غادر ومعه عائلته.

قالت نوال بتردد:
_حماتك مش ساهلة يا ملاذ يابنتي وواضح رأيها في الجوازة.

أيدت أبرار رأيها:
_أيوة وانا كمان حسيت كده.

تحدثت ملاذ بخفوت:
_وانا مش مستعدة أدخل في علاقة مش مرحب بوجودي انا وبنتي فيها.

_وعصام يابنتي؟.. قالتها نوال بتسائل.

فقالت ملاذ بحزن تجلى في نبرتها:
_بكرة نشوف إيه اللي هيحصل!.

و مرت من أمامهم لتدلف لغرفتها، اغلقت الباب خلفها بعدما دلفت، وجلست على فراشها، و الحزن خيم على ملامحها..

ثواني قليلة وارتفع صوت هاتفها يعلن عن اتصالاً جديد..
زينت ثغرها الإبتسامة، وهي ترى أسمه مدون على شاشة هاتفها..

استقبلت المكالمة بخفوت قائلة:
_الو يا عصام

_قلب عصام، يا ام لين.

ردت ملاذ بدهشة:
_لين!.
أيوة بنتنا، قالها عصام، واستطرد
_كنت قاعد ياستي وعمال افكر، يا ترى بنتي هسميها إيه، و هُب خطر في بالي لين ورقة أمها، إيه رأيك؟!.

اردفت ملاذ بسعادة غزت قلبها من جديد:
_جميل أوي.

هتف عصام بجدية:
_طاب يا ستي اسمعي بقا، أمي حابة تاخدك معاها بكرة وتطلعوا سوا.

خشت ملاذ من رفض طلبه فيحزن فقالت على مضض:
_تمام موافقة أروح معاها..
وأخذوا يتبادلون أطراف الحديث.
ومر اليوم بعد ذلك دون اي أحداث أخرى

🌺 لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم 🌺

“في الصباح ”
استيقظت نوال على صوت طرقات عالية على بابها ، اقتربت من الباب وهي تصيح:
_جاية ياللي بتخبط..
وخفضت صوتها واستطردت:
_خير يارب.
فتخت الباب لتتفاجئ من سميرة تقف أمامها،
قالت نوال:
_خير يا سميرة.

اردفت سميرة بوهن:
_ازيك يا نوال، عاملين إيه انتِ والبنات.

تعجبت نوال من نبرتها اللينة وملامحها التى ظهر عليها التعب.. فقالت بخفوت:
_بخير يا سميرة، اتفضلي ادخلي.

دلفت سميرة للداخل، وجلست على أقرب أريكة، تحت نظرات نوال المتعجبة..

في تلك اللحظة خرجت أبرار من غرفتها و تفاجئت برؤية سميرة جالسة، اقتربت منهم تقول بتهكم:
_معقول الغيمة السودة بنفسها عندنا.

رمقتها والدتها شزراً، واردفت محتدة:
_أبرار ادخلي اوضتك.

هتفت سميرة بعجل:
_خليها تقول اللي تقوله يا نوال، انا جيت بس اقولكم كلمتين.

اردفت نوال بلين، تحت مسامع أبرار التي مازالت واقفة بالقرب منهم:
_اتفضلي قولي اللي عايزاه.

ترددت سميرة قبل ان تقول:
_البيت لسة مفتوح ليكي انتِ والبنات وتقدري ترجعي، ده بيتك برضه.

ومن امتى الحنية دي.. قالتها أبرار بنزق، و ابتعلت باقي حديثها عندما رمقتها والدتها بغضب.

لم تبالي سميرة بما قالت أبرار، واردفت:
_أنا جاية اطلب منكم تسامحوني انتِ والبنات.. وتساقطت دموعها بتؤدة على وجنتيها، و استأنفت حديثها قائلة بصدق:
_ندمت وعرفت ان الدنيا سلف ودين، اهو البيت اللي كنت بتمنى أعيش فيه لوحدي، بقيت فيه لوحدي بس مكنتش اتخيل أنه هيكون سجن حيطانه كاتمة على نفسي،وبقيت فيه لوحدي.

لوهلة رق قلب أبرار لها، وسرعان ما ابعدت هذا الشعور لتقول بصرامة:
_داين تدان يا مرات عمي واهو بقا..

اخرسي قالتها نوال بامتعاض، ووجهت نظرها لـ سميرة قائلة بهدوء:
_انا مسامحة يا سميرة، وراضية كل الرضا باللي ربنا كتبه ليا، وكل اللي حصل معايا ده تدبير ربنا لحياة بناتي، فاللهم لك الحمد.

بكت سميرة بنحيب، وقالت بصوت متخشرج:
_طول عمرك أصيلة وراضية يا نوال عشان كده ربنا كرمك.

ربتت نوال على فخذها، فاستقامت سميرة بهدوء من مكانها واردفت بخفوت:
_اشوف وشكم بخير.

و أسرعت في خطواتها تغادر المنزل.

التفتت نوال قائلة بحدة:
_انتِ يا بنتي معندكيش دم خالص، مش هاين عليكِ الست واللي حاصل فيها، اكيد انصدمت في عمك.

خرجت ملاذ من الغرفة واقتربت منهم قائلة:
في إيه ياجماعة؟.

ردت أبرار بحنق:
_صباح الفل الأول، انتِ لسة حاسة، ده انتي فاتك نص عمرك.. وتفحصت ثيابها وهمت بالحديث، فقالت نوال بتساؤل:
_جهزتي و رايحة مع حماتك.

اجابتها ملاذ بخفوت:
ايوة يا ماما سلام همشي أنا.

قالت نوال :
_ماشي يابنتي خدي بالك من نفسك.

صاحت أبرار وهي تسير خلفها:
_استني يا ملاذ هنزل معاكي، رايحة اقعد عند مامي صباح شوية.

امسكت نوال بوسادة صغيرة كانت متواجدة على الأريكة بجانبها وقذفتها بوجه أبرار وهي تقول:
_طيب يلا من هنا سكة السلامة.

قهقهت أبرار بمرح،قائلة:
و هنروح نشوف ساندي فالملجأ أنا وعز.

قالت نوال بتريث:
_ماشي روحي، واطمني على البنت اهو الحمدلله انهم قبضوا عن الممرض المرتشي واتسجن.

غمغوا الفتاتان بالحمد قبل رحيلهم، وذهبوا.

“سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”

جلست ملاذ وبالمقابل لها والدة عصام في كافيه صغير للمشروبات.

تحدثت والدة عصام بخفوت:
_تشربي إيه يابنتي.

ردت ملاذ بتأدب:
_ولا حاجة بلاش تتعبي نفسك.

_لا ازاي انا هطلب لينا اتنين عصير، و أشارت للنادل لتمليه طلبها.

عقدت مديحة ساعديها أمام صدرها قائلة:
_انا طلبت من عصام اني اقابلك وفهمته اني هعتذر منك على تصرفي قدام أهلك.

اردفت ملاذ بهدوء:
_لا مفيش داعي تعتذري.

قالت والدته بحنق:
_اسمعي بقا يابنتي، انا أم وليا الحق افرح بابني، عشان كده الكلام اللي هقوله اتمنى ميوصلش لعصام.

انقبض قلب ملاذ خوفاً من القادم، وهزت رأسها في وجل.

لتقول مديحة في هدوء:
_ابني سعادته مش معاكي يا بنتي، مفيش أم هتجوز ابنها الوحيد لوحدة مطلقة وحامل، و في طفلة هتتظلم بينكم، وانا مقبلش ان ابني يربي بنت حد غريب، تحت مسمى الحب.

غمغمت ملاذ بتوجس:
_يعني اي!..
قاطعهم النادل وهو يضع المشروبات أمامهم.

فعادت مديحة للحديث بعد رحيله :
_يعني الحب مش هيأكل عيش، بكرة ابني هيحس بغلطه ويندم انه مفرحش و اتجوز بنت تملى عينه.

افندم!.. قالتها ملاذ بحدة طفيفة.

فستأنفت والدته حديثها:
_بالعربي كده انتي متنفعيش لـ ابني، خليكِ من طريق وابني من طريق، محدش يفرح بالبدايات لأن النهايات بتكون صادمة.

واستطردت وهي تتطلع لملامح ملاذ الشاحبة:
_وجيت اقولك ياريت النهاية تكون من عندك وتفهمي ابني، انه يستاهل وحدة أحسن منك، وده لمصلحتك مش عايزاكي تدخلي حرب انتي مش قدها.

ران الصمت لثوانِ.

لتستطرد والدته:
_فهمتي يا بنتي.

هزت ملاذ رأسها واستقامت حاملة حقيبتها، وخطت بهدوء للمغادرة، فصاحت والدة عصام:
_طاب استني اشربي العصير.

استمعت ملاذ لقولها ولكنها لم تبالي لشئ فقط أسرعت بخطواتها ..

خرجت ملاذ من الكافيه واسندت ظهرها على الحائط خلفها والدموع تتساقط على وجنتيها،تعالى رنين الهاتف بيدها،فاستقبلت المكالمة وهي تضعه على أُذنها،تستمع لصوت عصام يقول:
_ايوة يا ملاذ ليكِ عند خبر يجنن،خالد اتقبض عليه بتهم نصب عرفت من اللواء اللي ساعدنا قبل كده،وقريب هخليه يطلقك رسمي.

بدت ملاذ كالمتغيبة،و أنزلت الهاتف وأغلقت المكالمة بوجهه.
فما نهاية تلك القصة يا ترى؟!

العشرون” الأخير”
رواية: باسم الحب
هدير ممدوح.

نسعد قليلاً ونحزن كثيراً، وتستمر الحياة؛ لأنها دار شقاء.. فلا تدع مرها يلهيك، وحلوها يغنيك، فقط كن لطيفا كنسمات الهواء الباردة، و اعبر مروراً جميلاً.

وها قد مر ثلاث أشهر…
وقفا الجميع أمام غرفة العمليات بانتظار ولادة ملاذ طفلتها الأولى، بعد قليل خرجت الممرضة وهي تحمل طفلة جميلة بيدها، استقبلتها نوال بمحبة من نوع خاص والتف الجميع حولها، قال مصطفى بتذمر:
_يا ماما مش اتفقنا انا أول واحد اشيلها.

تغيرت ملامح أبرار لأخرى قلقة، وهي تتسائل:
_ملاذ عاملة إيه هي كويسة صح؟.

ردت الممرضة بهدوء:
_الأم والطفلة كويسين وهتتطلع دلوقتي و نحطها في أوضة عادية، ألف مبروك.

القت كلماتها تلك وغادرت، فتنهد الجميع براحة.

صاحت صباح قائلة:
_حد يأذن للبنت، ياولاد يلا.

هتف عز بعجل:
_هاتي يا خالتي انا…

_أنا اتحرمت من شوفت امها اخر تلت شهور، هتخرموني من الحق ده كمان.

نظر الجميع للخلف ليجدوا عصام، مدت نوال يدها بالطفلة قائلة بخفوت:
_ خد سمي يابني.

حملها عصام ببهجة وقلب أب خافق عند رؤية طفله الأول، فسبحان من ذرع في قلوبنا المشاعر.

أذن عصام بأُذنها بصوتً رخين ، وقبلها عدة مرات..
هتفت أبرار ببهجة:
_هاتها بقا يا عصام أنا لسة مشلتهاش.

اردف مصطفى بتذمر:
_وانا كمان.

اعطاها لها عصام، وتسائل قائلاً:
_لسة برضه ملاذ مصممة على رأيها، ونهت كل اللي كان بنا؟.

ردت نوال عليه قائلة:
_انا واللهِ يابني ما عارفة إيه اللي حصل بعد أخر مقابلة ليها مع مامتك، وليه غيرت رأيها.

هتف عصام بهدوء:
_طيب ينفع اشوفها بعد ما تفوق كده..

هزت نوال رأسها وغمغمت:
_ماشي يابني.

قال عز بتريث:
_تعالى نطلع نتمشى أنا وانت.

🌺صلي على محمد🌺

في منزل سميرة، صاحت ببهجة:
_أنا الفرحة مش سيعاني، ومش مصدقه إنك خلاص رايح تخطب.

هتف عمرو بمرح:
_طيب يلا بقا استعجلي، بدل ما العروسة تضيع علينا المرة دي كمان.

_لا يابني مش هضيع، ربنا يديم الفرح في حياتك..
واستقامت تخطو للأمام، ولكنها تذكرت شيء فعادت تقول:
_هو انت يابني هتاخدها وتعيش بعيد عني، ولا هنعيش فالبيت هنا.

قال عمرو بتريث:
_بعد ما ابويا اتحكم عليه مؤبد بتهمة هتك أعراض، وغير اشتراكه في جريمة أبن صاحبه، مبقاش ليا عين أقعد هنا يا أمي، وهاخد مراتيوهنسافر.

هتفت سميرة بتوجس:
_طاب و انا يا عمرو هتسيبني لمين، ده انا حتى صحابي والجيران مبقاش حد يكلمني يابني، هقعد لوحدي.

اردف عمرو بخفوت:
_لا ياست الكل ما انا بعد شهرين كده هاجي اخدك تعيشي معانا.

غمغمت سميرة بضيق:
_يا ابني انت قعدت تلت اشهر بعيد عني ومجتش، ودلوقتي هتتجوز وخايفة متجيش ولا تسأل.

رد عمرو يقول:
_لا هاجي عشان اطمن على الشغل وكمان المكسب هيبقا بالنص بيني وبين بنات عمي.

هزت سميرة رأسها بقلة حيلة:
_ماشي يابني زي ما انت عايز، هروح أجهز عشان اجي معاك.

🌺لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 🌺

صوت طرقات عالية جعلها تنتفض من مجلسها وصاحت بامتعاض:
_جاية ياللي بتخبط، براحة العيال اتفزعوا،
واقتربت نداء من بابها لتفتحه.

صدمت عندما و جدته هو زوجها، خفق قلبها بعنف بين أضلعها، نعم اشتاقت له ولحديثه، رائحته وتدليله لأطفالهم، اشتاقت لصوته بالمنزل، ورغماً عنها، أخذت أعينها تتجول بين ملامح وجهه، خمسة أشهر مرت عصيبة على الجميع، حاول مراراً هو ان يردها إليه ولكن دون جدوي، فقد احكمت عقلها بالأمر ونفت قلبها ولو قليلاً..

دفعها سيد برفق ومر من أمامها، جلس على أقرب أريكة، وفرد ذراعيه براحة، ونظر إليها في برود.

ضيقت هي أعينها، وتسائلت محتدة:
_خير يا طير إيه اللي جابك،و مين رماك علينا.

هتف سيد في برود:
_جاي بيتي وبيت أولادي.

صاحت نداء تقول:
_لا يا شيخ وهو انت يلا فاكر ان ليك بيت و أولاد.

_انا خلاص طلقت منال، قالها مقاطعاً حديثها.

وعم الصمت لثوانِ، مع ابتهاج قلبها الذي تراقص فرحاً لما فعله من أجلها.

استقام سيد واقفاً واقترب منها بهدوء، ضم بيده وجهها و غمغم:
_مش كفاية بعاد لحد كده.

دفعت نداء يده عنها وقالت بغرور:
_ لا مش كفاية سيبني لحد ما قرر مع نفسي.

عبست ملامحه وقال بامتعاض:
_براحتك بس افتكري إنك انتِ اللي هتعيطي ف الاخر.

ألقى كلماته تلك وغادر من أمامها، فاردفت هي بابتسامة:
_برضه هترجعلي يا سيد.

🌺لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 🌺

دلف إلى غرفتها، كانت مستلقية على الفراش بملامح شاحبة، سحب كرسي، وجلس أمامها..
استمعت هي للصوت فالتفتت بجانبها لتراه، همت ان تقول شيء فقاطعها هو قائلاً:
_اسمعيني وبس يا ملاذ، مش هقولك ليه بعدتي ولا إيه اللي حصل..

ونظر ليدها الممدة بجانبها وضم كفها بين راحتيه و استأنف عصام قوله:
_خلينا نبدأ من جديد أنا وانتِ وبنتنا لين فاكرة الاسم صح.

سحبت ملاذ يدها عنه، و اردفت بجفاء:
_انت مين سمحلك تدخل، ودي بنتي انا مش بنتك فاهم.

أغمض مقلتيه من أثر كلماتها الجارحة وهتف بتريث:
_خلاص بنتك لوحدك، بس فهميني ليه بتعملي كده.

اردفت ملاذ ببرود:
_عصام أطلع برة.

هتف عصام بحدة:
_مش طالع غير لما افهم إيه اللي غيرك ناحيتي.

اردفت ملاذ بوهن:
_عصام أنا وانت مفيش حاجة بينا، ولا عمره هيكون، افهمني أنا مش عاوزاك في حياتي ده قراري أنا ومحدش ليه دخل بيه.

قال عصام بتردد:
_يعني ده أخر كلام عندك.

فهزت ملاذ رأسها بنعم، واستقام عصام وقال قبل مغادرته:
_أنا حاولت، وحاولت كتير، ودلوقتي همشي اوعدك إني خلاص هطلع من حياتك ومش هتشوفي وشي تاني..

وهم ليلتف للمغادرة فعاد قائلاً:
_متقلقيش بنتك هتتسجل باسم ابوها خالد، مع شوية ضغط من الحكومة وافق أنه يسجلها باسمه، تتربى في عزك يا مدام ملاذ..

ألقى عصام كلماته تلك، وغادر صافعاً الباب بعنف خلفه، رأته أبرار يخرج فوقفت أمامه قائلة:
_خير يا عصام ملاذ قالتلك إيه..

نظر عصام حوله ولم يجد سوى أبرار وعز، فهتف متسائلًا:
_البنت فين؟!.

ماما وطنط نوال، راحوا بيها لدكتور أطفال، و عشان يكملوا الإجراءات الروتينية.

هز عصام رأسه وأسرع في خطواته، وقالت بدهشة:
_اي ده في إيه؟!.

تحدث عز قائلاً:
_روحي اطمني على اختك.

هزت أبرار رأسها ودلفت للداخل..
وقفت مكانها مشدوهة وهي ترى شقيقتها في حالة إنهيار، اغلقت الباب خلفها، وتقدمت منها بلهفة تقول:
_في إيه يا أبرار، انتي تعبانة انده للدكتورة.

قالت ملاذ من وسط دموعها:
_أنا خلاص يا أبرار خسرت عصام للأبد.

ربتت أبرار على يدها، تقول:
_طاب اهدي بس واحكيلي في إيه.

هزت ملاذ رأسها قائلة بصوت متحشرج:
_مش عاوزة احكي، ولا اقول حاجة، انا من النهاردة هعيش لبنتي وبس.

صمتت أبرار ومالت عليها تقبل جبهتها.

“سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”

أسدل الليل ستائره السوداء وتناثرت النجوم مزينة السماء..

“في منزل عصام”

ظل حبيس غرفته طوال اليوم بعدما عاد..
دلفت والدته إليه وهي تحمل فنجان قهوة بيدها، ابتسم عصام بوجهها وتمتم بخفوت:
_تسلم ايدك ياست الكل.

اردفت والدته بشفقة وندم على حاله:
_إيه جرالك يابني ولا هو اللي خلقها ما خلقش غيرها، انساها يا حبيبي بكرة ربنا يعوضك بالﭢحسن..
وتمتمت بمكر:
_مع انه الأحسن موجود.

هتف عصام ببرود:
_وانا خلاص قررت أعيش لنفسي.

انفرجت أساريرها بفرحة وهي تتسائل:
_بجد يا بني يعني خلاص هتروح تخطب.

رد عصام بعجل:
_هتجوز، هتجوز رشا يا أمي.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد

كانت أبرار واقفة داخل الشرفة تتحدث بالهاتف :
_هتتجوزي ازاي يابنتي، انتِ بتهزري يا وداد.

هتفت وداد بجدية:
_ايوة وهو ده في هزار خلاص شهر وفرحي هيتم.

قالت أبرار بدهشة:
_شهر ايه يا بنتي ما ده يبقا اسمه هزار، طيب حتى ست شهور مبلوعة شوية، هو انتِ كنتي تعرفيه ده؟.

اردفت وداد بحنق:
_أبرار انا اتصلت عشان ادعيكي، مش تقطمي فيا.
ردت أبرار بضيق:
_طيب ياستي على راحتك، ربنا يسعدك ويتمم بخير.

_سلام ياغالية هستناكِ..

غمغمت وداد بخفوت:
_سلام ياحبيبتي.

و انهت المحادثة..

دلفت للداخل، لترى ملاذ وطفلتها نائمة بجانبها، هتفت ملاذ بخفوت:
_مالها وداد، سمعت صوتك وانتِ بتكلميها.

قال أبرار بنزق:
_تصدقي انها اتخطبت فيوم وليلة وخلاص هتتجوز بعد شهر.

اردفت ملاذ بتهكم:
_أسرع جواز فالتاريخ.

ضحكت أبرار على قولها، و فُتح الباب وطلت منه نوال تقول:
_أبرار، عز والست صباح برة عاوزينك تعالي.

نظروا الفتيات لبعضهم بدهشة، فقالت ملاذ:
_يلا يا بنتي انتِ لسة واقفة.

خرجت أبرار من الغرفة، ومعها نوال، وصاحت صباح فور رؤيتها:
_تعالي يا أبرار يا بنتي.

جلست أبرار بجانبها،فصاح عز:
_أمي بتقول انه مفيش داعي نأخر الفرح ونخليه بعد شهر وجينا نتفق على كل حاجه.

_طاب وفاطمة!؟..قالتها أبرار بدهشة.

تحدثت صباح قائلة:
_قلبي واجعني على بنتي، بس اهو ليها خمس شهور ولسة في غيبوبة كل يوم بروحلها على أمل تفوق، بس نعمل إيه قدر ومكتوب، لو فاقت خلال الشهر ده هتبقا الفرحة فرحتين، ولو لأ فاحنا هنصور كل حاجة لحد ما تفوق وتبقا تتفرج على راحتها.

غمغمت نوال بخفوت:
_ان شاء الله تفوق.

واخذا يتناولون الحديث في أمور الزواج.

” في المستشفى”

كان واقفاً، أمام الحاجر الزجاجي ينظر إليها بهيام، يأتي يومياً يتحدث معها من خلف هذا الزجاج على أمل ان تفيق ولكن لا جدوى من الأمر.

اقترب منه الطبيب يقول:
_لسة برضه بتيجي، يايني قولتلك لو فاقت هنبلغك.

رد الشاب بتريث:
_لا أنا لازم أكون هنا، عشان لما تفوق أكون أول واحد هي بتشوفه.

ربت الطبيب على كتفه قائلاً:
_ربنا يعينك يا بني.
وغادر الطبيب من أمامه والتف هو ينظر إليها بعشق طل من مقلتيه.

ولأن الفراق دائماً يؤلم، فـ سأقول لك إلى اللقاء عسانا نلتقي مرة أخرى..

يتبع…

دمتم بخير ♥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل