
حورية كانت على وشك دخول منزلها عندما فوجئت بيد تسحبها بقوة من الخلف، صرخت بخوف ونظرت بسرعة لتجد أمامها عاصم، رجل كان يعرفها جيدًا ولكنه كان يأتيها في الخفاء. كانت صدمتها شديدة، وبدأت تتسأل بارتباك وذعر: “عاصم، أنت بتعمل إيه هنا؟ جيت هنا إزاي؟”
عاصم نظر إليها بحب وقال بلهجة مفعمة بالمشاعر: “وحشتيني، حورية.”
حورية نظرت حولها برعب وهي تحاول التأكد أن أحدًا لم يرهم، وتوسلت له: “امشي، لو حد شافك هنا هتبقى مصيبة كبيرة. امشي علشان خاطري.”
عاصم تمسك بها بلطف وقال: “همشي، بس ما قدرتش أنام من غير ما أشوفك.”
حورية بدأت تشعر بالغضب وقالت له بحدة: “أنت مجنون! مش هترتاح غير لما توقعني وتوقع نفسك في مصيبة.”
عاصم حاول أن يقترب منها، وهو ينظر إليها بتوهان: “أنا بحبك يا حورية.”
حورية زادت من عصبيتها وقالت بصوت أعلى: “فوق بقا يا عاصم! أنا مرات ابن عمك، فاهم يعني إيه؟ فوق!”
لكنه كان مغيبًا بمشاعره، شدها من وسطها وقربها إليه وقال: “أنا مش عارف أنساكي.”
حاولت دفعه بعيدًا وهي تقول له برعب: “أرجوك ابعد عني.”
بعد محاولات متكررة، تمكنت من إبعاده عنها وقالت بغضب مكتوم: “اتركني في حالي. شوف حالك بعيد عني!”
لكن عاصم لم يكن يتراجع بسهولة، وحاصرها بين الحائط وجسده قائلاً بصوت ضعيف: “ليه مش عاوزة تفهمي أني بعشقك بجنون؟ اتطلقي من محمد وتعالي نتجوز. هعيشك ملكة، وأنت تستاهلي تكوني ملكة.”
حورية دفعته بقوة وقالت: “ميخصكش. ملكش دعوة بحياتي. لو محمد شافك هنا مش هيتردد لحظة في إنهاء حياتك.”
وفي اللحظة التي كانت تحاول فيها دفعه مرة أخرى، سمعت صوت محمد قادم على السلم وهو يتحدث في الهاتف.
برعب، همست حورية بصوت منخفض: “يا لهوي! محمد طالع! لازم تمشي دلوقتي.”
عاصم جرى بسرعة نحو السطح، وهرب عبره نظرًا لأن منزله ومنزل محمد قريبان من بعضهما.
حورية وقفت خلف الباب، تتنفس بصعوبة، وجسدها كله يرتعش من شدة الخوف. عندما سمعت صوت المفتاح في الباب، تراجعت بسرعة إلى الخلف. محمد دخل المنزل ولاحظ توترها فسألها باستغراب: “أنت واقفة كده ليه؟”
حاولت حورية أن تخفي ارتباكها وقالت بسرعة: “مفيش، أنا داخلة أنام.”
تركته ودخلت إلى غرفة النوم، لكنها كانت منهارة داخليًا، بينما محمد ظل واقفًا لبعض الوقت، يشعر أن هناك شيئًا غريبًا.
في الصباح التالي، كانت حورية نازلة على عجل ومعها كتبها. لكنها توقفت عندما سمعت حماتها، قدرية، تسألها بسخرية: “رايحة فين يا حورية؟”
حورية ببرود ردت: “أكيد رايحة الجامعة.”
لكن قدرية لم تتركها، وظلت تستفزها بتعليقات لاذعة. حورية، رغم غضبها، حاولت الرد بهدوء، لكنها كانت تعلم أن قدرية لن تهدأ حتى تسخن الأمور بينها وبين محمد، كما فعلت مع سلفتها رشا.
في المساء، عاد محمد إلى المنزل ووجد حورية منهارة في الحمام، تبكي. حاول الاقتراب منها والاعتذار لها، معبرًا عن حبه لها، لكنه لم يدرك أن الأمور بينهما قد تجاوزت حدود الغفران.