
سكريبت شيـ,ـاطين_الانس الحكاية_الثانية بقلم الكاتبه سلمي سمير حصريه وجديده
عادت نهال إلى أوراقها، تكمل ما بدأته عن الأفعى نجوان وأفعالها المشينة، ودموعها تبلل الصفحات وهي تتذكر ما عانته الزوجة البريئة التي أهدروا كرامتها قبل أن تصعد روحها الطاهرة إلى بارئها. كتبت بحزن:
كان موت الزوجة ينبغي أن يكون درسًا يجعل نجوان تتوب وتعود إلى الله، لكنها، ويا للأسف، زادت في طغيانها، واستمرت في العبث بحياة الآخرين. كانت تبحث عن لذةٍ مريضة في تحويل حياة النساء إلى جحيم، كما لو أنها تسعى لتحويلهن إلى شياطين مثلها
بعد أن لفظت الزوجة أنفاسها الأخيرة بين يدي الرجل، خرج مذهولًا يبحث عن نجوان ويستنجد بها، ظنًا منه أنها قد تنقذها. دخلت نجوان إلى الغرفة، وحاولت التظاهر بإنقاذها، لكنها سرعان ما تأكدت من وفاتها. شعرت للحظة بالخوف من قوة القدر، وكأن الله قد أخذ أمانته ليحمي هذه الروح البريئة من دنس الأرض.
عندما أيقنت نجوان أن الزوجة فارقت الحياة، قررت التخلص من الجثمان بذكائها الماكر. اتصلت بمن كان يشاركها أفعالها الدنيئة، وهو المسؤول عن تركيب الصور الزائفة التي استخدمتها لابتزاز الضحية.
جهز نفسك، في مصيبة لازم نخلص منها بسرعه قبل ما حد يشم خبر.
كان الرد الرجل حاسم وجازم:
مسافة السكة يا ملكة
حينها نظرت إلي الزوجة برعب وارتبكت بحدة عندما فكرت في ستر الجثمان. ألبستها ملابسها وسترتها، كأن شيئًا ما بداخلها يدفعها لهذا التصرف، دون أن تدرك أنه مشيئة الله الذي أراد أن يحفظ ستر الزوجة حتى بعد موتها.
اتي الرجل ومعه شخص آخر حمل الجثمان إلى بيت الزوجة، ووضعاه أمام باب شقتها. طرقا الباب واختفيا بسرعة البرق، خشية أن يراهما أحد.
*********
فتح الزوج العابث الباب ليرى جسد زوجته مسجّى أمامه على الأرض، وقد فارقتها الحياة. للحظة، تراجع إلى الوراء وكأنه يرفض تصديق ما يراه.
تلك التي كان يصفها بالنكدية وغير المتجاوبة، أصبحت الآن مجرد جسد بلا روح، وتركت خلفها فراغًا يعجز عن احتماله.
ركع بجوارها، دموعه تسبق كلماته، ويداه ترتجفان وهو يمسك بيديها الباردتين، يقبلهما بشوق وندم:
ارجعي لي… أرجوكي ما تسيبينيش. أنا آسف… والله ما كنت أعرف قيمتك، كنت بشوفك نكدية وإنتِ اللي شايلة كل حاجة. حرام عليك… ارجعي، يا حبيبتي. أنا من غيرك ما أقدرش أعيش.
انهار إلى الأرض، رأسه بين كفيه، يصرخ بألم لا حدود له:
أنا ظلمتك، عارف… دايمًا كنت باجي عليك، وكل مرة أقول خلاص، المرة الجاية هبقى أحسن، بس ما عملتش حاجة. إنتِ اللي كنت شايلة الهم لوحدك، وأنا كنت ببص لغيرك… سامحيني! بس قوليلي، أعمل إيه من غيرك؟
رفع عينيه إلى السقف وكأنه يناجي الله:
يا ريتني أنا اللي كنت مت… يا ريتني أنا اللي كنت مت وإنتِ كنتي عشتي ليهم، علشان إنتِ أحسن مني بكتير. كنتي هتفديهم بحياتك، وأنا ضيعتهم… زي ما ضيعتك.”
ظل يبكي ويحتضنها، وكأن دموعه قد تعيد إليها الروح، لكن هيهات. الموت أخذها بعيدًا، ولم يتبقَ سوى الذكريات وندم لا يُحتمل.
*******